ولا تدفنني بالفلاة فإنني
أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
ويشاء قاص من الظرفاء فيروي أنه رأى قبره بنواحي أذربيجان أو جرجان، وقد نبتت عليه ثلاث كروم قد طالت وأثمرت واعترشت، وعلى قبره مكتوب:
هذا قبر أبي محجن الثقفي
أفاض الله عليه سجال رحمته، فقد كان رجلا وكان نبيلا.
الذوق العام
يظهر لي أن للأمة ذوقا عاما كما أن لها رأيا عاما وعرفا عاما، ولكل دائرة اختصاص لا يتعداها.
فالرأي العام مداره الآراء والأفكار والمعقولات، والعرف العام مداره العادات، أما الذوق العام فمداره الفن والجمال.
وكما أن هناك قدرا مشتركا بين المصريين في لونهم وتقاطيع وجهوهم وملامحهم، حتى لنستطيع في سهولة ويسر أن نميز المصري من الأجنبي؛ وكما أن هناك قدرا مشتركا في الرأي العام الأوربي، فكذلك الشأن في الذوق العام.
يتجلى هذا في كل أنواع الفنون كالطعوم، فلكل أمة أنواع من الطعوم تستلذها وتغرم بها، هي نتيجة ذوقها؛ ومن أجل هذا كان طهي كل أمة يخالف طهي الأمة الأخرى؛ ولا يقتصر هذا على نوع المأكول، بل يتعداه إلى كيفية إعداده، وبذا نستطيع أن نحكم على الأمة بأنها تستجيد كذا من ألوان الطعام وأنواعه، على حين أن الأمة الأخرى لا تستسيغه ولا تتذوقه.
صفحة غير معروفة