يعود هذا الأمر إلى أسباب عديدة؛ أولا: يتطلب حساب إحصائيات الفوضى، مثل الأبعاد الكسرية وآساس ليابونوف، وضع حدود للأطوال اللامتناهية الصغر خلال فترات طويلة لانهائيا. لا يمكن وضع هذه الحدود بناء على الملاحظات. ثانيا: قدمت دراسة الفوضى طرقا جديدة لوضع نماذج تعتمد على بيانات دون تحديد طريقة بناء النماذج على وجه الدقة. وحقيقة أن الإحصائيين المختلفين الذين تتوافر لديهم نفس البيانات قد يتوصلون إلى «إحصائيات معتمدة على عينة» مختلفة نوعا ما تجعل إحصائيات الفوضى مختلفة نسبيا عن متوسط العينة.
الفوضى تغير ما يعتبر «جيدا»
تتضمن نماذج كثيرة معلمات «حرة»؛ وهو ما يعني معلمات - على خلاف سرعة الضوء أو نقطة تجمد الماء - لا نعرفها على وجه الدقة. فما هي إذن أفضل قيمة نمنحها للمعلم في نموذجنا؟ وإذا كان الهدف من استخدام النموذج هو إجراء التوقعات، فلماذا نستخدم قيمة مستقاة من تجربة مختبرية أو من نظرية ما أساسية، إذا كان ثمة قيمة معلمات أخرى تقدم توقعات أفضل؟ بل لقد أجبرتنا نمذجة النظم الفوضوية على إعادة تقييم، بل إعادة تعريف، «الأفضل».
في النسخة البسيطة من سيناريو النموذج المثالي، يتضمن نموذجنا البنية الرياضية نفسها كما في النظام الذي تولدت عنه البيانات، لكننا لا نعرف قيم المعلمات الحقيقية. لنقل إننا نعرف أن البيانات جرى توليدها باستخدام الخريطة اللوجيستية، دون معرفة قيمة
α . في هذه الحالة، تتواجد القيمة «الأفضل» المحددة جيدا، ألا وهي قيمة المعلم التي تولدت عنها البيانات. في ظل نموذج مشوش مثالي لعدم اليقين في الملاحظة، كيف يمكننا استخلاص «أفضل» قيم المعلمات لاستخدامها غدا في ظل ملاحظات مشوشة من الماضي؟
إذا كان النموذج خطيا، إذن تشير قرون عديدة من التجربة والتنظير إلى أن أفضل المعلمات تتمثل في تلك التي تقترب توقعاتها من قيمها المستهدفة. يجب أن نحرص على ألا نبالغ في ضبط نموذجنا إذا كنا نرغب في تطبيقه على ملاحظات جديدة، على أي حال هذا موضوع يعرفه الإحصائي لدينا حق المعرفة. ما دام النموذج خطيا وكان تشويش الملاحظات نابعا من منحنى توزيع جرسي، إذن فسيصبح لدينا هدف جذاب بتقليص المسافة بين التوقع والهدف. تحدد المسافة وفق طريقة المربعات الصغرى المعتادة؛ أي بناء على إضافة مربعات الفروق في كل مركبة من الحالة. مع نمو مجموعة البيانات، ستقترب قيم المعلمات التي نحسبها أكثر فأكثر من تلك القيم التي أنتجت البيانات، وذلك بالافتراض بالطبع أن نموذجنا الخطي ولد البيانات حقيقة. فماذا إذا كان النموذج لا خطيا؟
في الحالة اللاخطية أثبتت خبرة مئات السنين من استخدام الحدس أنها سبب في الارتباط إن لم تكن عائقا، وربما أيضا توجهنا طريقة المربعات الصغرى بعيدا عن قيم المعلمات الصحيحة. يصعب استيعاب الأثر السلبي الذي يسببه العجز عن الاستجابة لهذه الحقيقة البسيطة على عملية النمذجة العلمية. كانت ثمة تحذيرات كثيرة من أن الأمور قد تئول مآلا خاطئا، بيد أنه في ظل غياب أي مصدر تهديد واضح ووشيك - وفي ظل سهولة استخدام هذه الطرق - أسيء تطبيق هذه الأساليب بصورة منتظمة في النظم اللاخطية. غير أن توقع الفوضى قد جعل هذا الخطر واضحا. هب أن لدينا ملاحظات مشوشة من الخريطة اللوجيستية تكون فيها قيمة
α
تساوي 4، حتى في ظل مجموعة بيانات لا نهائية، تسفر طريقة المربعات الصغرى عن قيمة
α
صفحة غير معروفة