الأصل على القاعدة لكن له نوع صحة بجعل الأضافة لادنى ملابسه أى مسائل لها تعلق بالفقه وحينئذ لا ترد العلاوة (ثم هذا العلم) أى علم الأصول (أدلة إجمالية للفقه إليها عند تطبيق الأدلة التفصيلية) المختصة بمسألة مسألة (على أحكامها) لأنه إذا حرر الدليل على نظم الشكل الأول تكون كبراه مأخوذة من الأصول سواء كانت عين مسألة أصولية معينة أو مندمجة فيها أو مأخوذة من عدة مسائل وإذا حرر الدليل على نظم القياس الاستثنائى تكون الملازمة مأخوذة منها (كقولنا الزكاة واجبة لقوله تعالى وآتوا الزكاة) فإذا أرادنا أن نطبقها على حكمها قلنا الزكاة مأمورة من الله تعالى وكل ما هو مأمور منه تعالى فهو واجب (لأن الأمر للوجوب) فهذه الكبرى مأخوذة من مسألة أصولية ثم أنه لابد في صحة كلية تلك الكبرى من قيود وهى كل مأمور به بأمر غير منسوخ ولا معارض براجح أو مساو ولا مؤول فهو واجب فلابد لإتمام هذه القضية من معرفة مسائل النسخ والتعارض والتأويل فهذه الكبرى مأخوذة من عدة تلك المسائل وكذا أن حرر بالقياس الاستثنائى لو كانت الزكاة مأمورة لكانت واجبة والمقدم حق فالزكاة واجبة فالملازمة مأخوذة من قولنا الأمر للوجوب فقد بان بهذا أن لعلم الأصول خصوصية بالفقه ليس له تلك الخصوصية بغيره أما المنطق فنسبته إلى الفلسفة والأصول والفقه نسبة واحدة ولا يحتاج إليه إلا في معرفة كيفية الانتاج ولا توجد مقدمة دليلها من مسألة منطقية وربما يشكل بمباحث القياس فإنها لا يحتاج إليها إلا في كيفية إنتاجه كيف وأن القياس مفيد للحكم بنفسه من غير ضم أمر آخر معه لكن ليس لك أن تتخبط فإن القياس لا يفيد حكما شرعيا إلا باعتبار أن الشارع اعتبر غلبة الظن الحاصل به فحينئذ لا يثبت حكم شرعى إلا بأن هذا الحكم أدى إليه القياس وكل ما أدى إليه القياس فهو من الله ثابت فالقضية الثانية مأخوذة من الأصول وأما القياس المجرد بدون هذه القضية فلا يفيد أن هذا الحكم من الله تعالى حتى يجب العمل به لكن لابد لصحة هذه القضية من قيود فلا بد من معرفة أن القياس هل يكون منسوخا أولا وغير ذلك وبما ذكرنا اندفع ما يتراءى وروده من أن بعض مسائل الأصول لا يصلح للكبروية كقولنا القياس لا يكون ناسخا ولا منسوخا لأنا لا ندعى وقوعها بعينها بل أعم منه ومن المأخوذ به انفراد أو منها ومن غيرها اجتماعا فقد ظهر لك أن حاجة الفقه إلى الأصول أشد (وليس نسبته إلى الفقه كنسبة الميزان إلى الفلسفة كما وهم) وذلك ظاهر وأما ما ذكره المصنف بقوله (فإن الدلائل التفصيلية) الفقهية المخصوصة بمسألة مسألة (بموادها وصورها من أفراد موضوع مسائل الأصول) فإن الدليل التفصيلى لوجوب الزكاة آتوا الزكاة من أفراد الأمر ولحرمة الربا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة من أفراد النهى (بخلاف المنطق الباحث عن المعقولات الثانية) فإن الدلائل الفلسفية ليست بموادها معروضة للمعقولات الثانية التى لا تعرض إلا لما في الذهن ومواد الدلائل الفلسفية ربما تكون موجودة في الخارج ففيه شئ لأن مسألتنا القائلة أن الأمر للوجوب يراد بها أن صيغة الأمر للوجوب فليس آتوا الزكاة فرد الموضوع هذه المسألة إلا باعتبار صورتها وكذا النهى للتحريم لا يراد بها إلا صيغة النهى هذا والحق ما قررنا سابقا (والفقه حكمة) أى أمر واقعى (فرعية) متفرعة على الإيمان بالذات والصفات والثواب والمعاد (شرعية) ثابتة بأدلة شرعية (فلا يقال على) فقه (المقلد لتقصيره عن الطاقة) فلا يكون في تقليده مستحقا للمدح والفقه قد مدح في كلام الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فإذا ما حصل له تقليد لا يسمى فقها وحينئذ سقط ما يظن في بادئ الرأى أنه لا دخل لحديث التقصير وأنه أن أخذ في مفهومة العلم من الأدلة فيخرج وإلا لا (والتخصيص بالحسيات) التى هى العمليات المتعلقة بالجوارح (احترازا عن التصوف) الباحث عن أفعال القلوب كوجوب التوبة وحرمة البخل والكبر ووجوب الرضا بقضاء الله تعالى وتقديره (حديث محدث) لم يكن هذا في عصر الصحابة والتابعين ولا غاية في تغيير الاصطلاح أيضا فالأليق أن يكون الفقه عاما لأعمال الجوارح والقلب (نعم الاحتراز عن الكلام) وأن كان حديثا محدثا أيضا ولم يكن بين الصحابة والتابعين ولهذا سماه الأمام فقها أكبر وعرف الفقه بما يعمه أيضا وهو معرفة النفس ما لها وما عليها لكنه (عرف معروف) بين المتأخرين فلا بأس بإخراجه (وعرفوه) أى الفقه (بأنه العلم بالأحكام الشرعية) الظاهر أنه أريد به وقوع النسبة أولا وقوعها فحينئذ الأحكام احتراز
صفحة ١٢