فوات الوفيات
محقق
إحسان عباس
الناشر
دار صادر
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
بيروت
٣٣ - (١)
المعتضد بالله العباسي
أحمد بن طلحة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو العباس ابن ولي العهد أبي أحمد الموفق بالله ابن المتوكل؛ ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين، أيام جده، وتوفي في رجب سنة تسع وثمانين ومائتين، ﵀. وكان قد استخلف بعد عمه المعتمد سنة تسع وسبعين ومائتين. وكان شجاعًا مهيبًا، أسمر (٢) نحيفًا وافر العقل، ظاهر الجبروت، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العباس، كان يقدم على الأسد وحده لشجاعته.
قال خفيف السمرقندي: كنت معه في الصيد، وانقطع عنا العسكر، فخرج علينا أسد، فقال: أفيك خير؟ قلت: لا، قال: ولا تمسك فرسي؟ قلت: نعم، فنزل وتحزم وسل سيفه وقصد الأسد، وتلقاه بسيفه فقطع عضده، ثم ضربه ضربة فلقت هامته، ومسح سيفه في صوفه، وركب، وصحبته إلى أن مات ما سمعته يذكر ذلك لقلة احتفاله به.
وكان يبخل ويجمع المال، وفي أيامه سكنت الفتن لعظم هيبته، وكان يسمى السفاح الثاني، لأنه جدد ملك بني العباس، وكانت أيامه طيبة، كثيرة الأمن والرخاء، وأسقط المكوس، ونشر العدل، ورفع المظالم عن الرعية، وكان مزاجه قد تغير من إفراطه في الجماع وعدم الحمية، بحيث إنه أكل في علته زيتونًا وسمكًا، وشكوا في موته، فتقدم الطبيب وجس نبضه، ففتح عينه ورفس الطبيب، رماه أذرعًا، فمات الطبيب ثم مات المعتضد، وبويع ابنه
_________
(١) الروحي: ٥٩ والفخري: ٢٣١ وتاريخ الخلفاء: ٣٩٨ والمنتظم ٦: ٣٤ والوافي ٦: ٤٢٨ والنجوم الزاهرة ٣: ١٢٦؛ وقد أخلت المطبوعة بجانب منها.
(٢) ص: أسمرًا.
1 / 72