خارج أعم كما في الفقه؛ فإن موضوعه الأفعال والأعيان، وعروض العوارض - التي هي مسائله من الأحكام الوضعية والتكليفية - إنما هو بتوسط جعل الشارع وتشريعه الذي هو المباين الأعم من خصوص أفراد الموضوع.
وبعد ما أحطت خبرا بما قررنا إجمالا، عرفت ضعف دخل هذا القائل وجوابه، وضعف ما في جملة من كتب المنطق من بيان المعيار في ذلك؛ فإن ذلك ليس أمرا تعبديا ورد به آية أو رواية يجب العمل بها تعبدا، بل إنما ذلك أمر اجتهادي يعرف من التتبع في مشي المؤلفين وطريقة سلوكهم في تصانيفهم ولا يلزم كفر، ولا إنكار ضروري، ولا مخالفة عقل قطعي أو ظني من مخالفة من ذكر ذلك المعيار، والخطأ في أمثال ذلك ليس بعزيز.
فنقول: إن الراوي - الذي هو موضوع ذلك العلم - يتصف بنفسه من دون واسطة في العروض بالصدق والكذب، والعدالة والفسق، ونحوهما وإن كان المقتضى لذلك ترجيح مقتضى القوة العاقلة على مقتضى القوة الشهوية والغضبية باختياره أو بالعكس، والأشخاص الخاصة من جزئيات ذلك الموضوع، فيتصف بعضهم ببعض تلك الأوصاف والبعض الآخر بالبعض الآخر، كما في جزئيات موضوع الفقه والنحو والمنطق.
والعجب من ذلك القائل؛ حيث يذعن بذلك في المقام مع ما قال سابقا من أن عروض تلك الأوصاف إنما هو لأمر يساوي الموضوع؛ لوضوح التنافي بين المقالتين كما لا يخفى؛ فإن مقتضى الثاني اتصاف كل واحد من الرواة بجميع هذه الأوصاف؛ لاشتراك الكل في ذلك الأمر المساوي. ومقتضى الأول اختصاص بعض ببعض.
وكيف كان، لا يقدح فيما نحن بصدد بيانه كون المبحوث عنه في علم الرجال خصوص الجزئيات؛ لأنه لم يقم برهان على لا بدية كون المبحوث عن حاله كليا.
صفحة ٤٢