والمراد بمعرفة الذات ما يحصل بتمييز المشتركات، وبالمدح ما يشمل أقسامه المتعلق بعضها بالجنان وبعضها بالجوارح، سواء بلغ إلى حد التوثيق المصطلح أم لا. وكذا الكلام في القدح، وبما في حكم المدح ما كان تعلقه أولا وبالذات بالخبر، وثانيا وبالعرض بالمخبر، كما في قولهم:
" أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه " في حق جملة من الرجال ونحوه، وبما في حكم القدح ما كان مثل ذلك وكونه مهملا أو مجهولا - بناء على تضعيف رواية مجهول الحال -؛ فإن عدم ذكر الاسم أو الوصف أيضا مما يتصف الراوي به، وكونه ممن اختلف في مدحه وقدحه اختلافا موجبا للتوقف بناء على ذلك المذهب.
بقي الكلام في الإرسال الخفي الذي لا يعرف إلا بهذا العلم كما إذا كان ترك الواسطة معلوما منه بملاحظة تأريخ الراوي والمروي عنه؛ فإن ظاهر التعريف لا يشمله إلا أن يعد أيضا من الأوصاف؛ فإن كون الراوي ممن لم يلاق المروي عنه من أوصافه، ويعرف بملاحظة ذلك الوصف ترك الواسطة، فيتصف الواسطة بكونه متروك الاسم في السند.
ومعرفة كونه في حكم المدح أو القدح تعرف أيضا بهذا العلم، بناء على حجية مراسيل من لا يرسل إلا عن ثقة وعدم حجية غيرها من المراسيل وكذا لو ضعفنا كل المراسيل؛ فإن ذلك الوصف حينئذ في حكم القدح؛ فتدبر.
فظهر بما ذكر أن كلمة " أو " في قولنا: " ذاتا أو وصفا " لمنع الخلو، فقد يعرف الذات لا الوصف، وقد ينعكس الأمر، وقد يعرف الأمران.
ثم لا يخفى أن المراد بالمدح والقدح ما يرتبط بجهة الرواية لا مطلقهما حتى يشمل كونه كثير الأكل والنوم أو قليلهما - مثلا - من الأوصاف غير المرتبطة بتلك الجهة المعدودة عرفا من أحدهما، والشاهد عليه سوق التعريف، فلا نقض عليه بذلك.
صفحة ٣٦