49

التعليقة على الفوائد الرضوية

إيقاظ:

وأما سر التعبير عن العقل بالواحد وعن النفس بالمتوحد، فهو أن العقل واحد

~~وحدة حقيقة جمعية ذاتية، لأنه صدر عن الواحد الحق المحض بالوحدة الغير

~~العددية التي هي مبدأ الوحدة العددية بأقسامها، ومن البين في المقامات

~~البرهانية أن لا خصوصية لشيء دون شيء في الصدور عن الحق تعالى شأنه، وإلا لزم

~~أن يكون فيه سبحانه جهة وجهة وحيث وحيث، وقد ثبت أيضا بالقواطع البرهانية

~~أن ليس فيه جهة وجهة ولا حيث وحيث من جميع الجهات من دون تكثر جهة ولا تعدد

~~اعتبار، وأنه لا يختلف نسبته عز شأنه بالقرب والبعد عن الأشياء، وأن ذلك من

~~المقرر عند العقلاء (1) والمتظافر في أخبار الأنبياء والأولياء، حيث هي

~~ناصة بأن نسبته تعالى في القرب والبعد سواء لم يقرب منه قريب ولم يبعد منه

~~بعيد إلى غير ذلك (2) كما لا يخفى على المتتبع للآثار والأخبار.

ثم إنه مما قد فرغ عنه في الحكمة المتعالية أن الواحد لا يصدر عنه من جهة

~~واحدة إلا الواحد (3) بل ذلك عند النظر العرفاني بديهي عاضده الكلم

~~الفرقاني، قال تعالى: * (وما أمرنا إلا واحدة) * (4) وفي الأخبار ما يكاد

~~يتواتر بالمعنى أن الله جل مجده خلق أولا أمرا واحدا، أي شيء كان على اختلاف

~~التعبيرات، ثم خلق منه الأشياء (5) وذلك كالصريح فيما ادعيناه.

ثم من المستبين أيضا أنه ليس شيء حريا بالصدور عنه تعالى إلا العقل،

صفحة ١٠١