..........
الأسباب وهو غير قادح كنظائره من أسباب الغسل وغيره، فإن من يوجبه لنفسه يجعل وجود الحدث سببا لوجوب الغسل من جملة أسبابه ويجوز مع ذلك أن يجعل وجوب عبادة مشروطة من جملة الأسباب كالصلاة والصوم ودخول المسجدين وغيرها، فإن أسباب الشرع معرفات لا يضر تعددها.
وهذا هو الظاهر من جعله واجبا لتلك الأمور المذكورة، فإن اللام ظاهرة في العلية.
ولا وجه لتخصيص الإشكال بالصوم إلا من حيث التصريح فيه بغسل الجنابة وإطلاق الغسل السابق المحتمل لإرادة غيره، والخلاف في وجوب الغسل لنفسه مختص بغسل الجنابة من أغسال الأحياء. ومما يدل على جواز تعدد الأسباب وعدم المنافاة أن تلك الغايات إذا كانت مشروطة بالغسل- ووجوب بعضها كالصلاة والصوم مطلق- كان شرطه واجبا لأجله، كما هو محقق في الأصول، فلا وجه للعدول عن هذا الأصل من غير ضرورة. ومعنى وجوبه حينئذ لنفسه أنه بوجود الحدث يجب وجوبا موسعا إلى أن يتعلق بالذمة عبادة واجبة مشروطة به، فيتعدد السبب بتعدده كما لو وجب الغسل بالجنابة ثم تجدد حيض ومس ميت وغيرها. ولو فرض وقوع الجنابة في وقت العبادة المشروطة به، اجتمعت الأسباب ابتداء ويبقى الوجوب موسعا أيضا إلى أن يتضيق وقت العبادة المشروطة به فيتضيق الوجوب بسبب ذلك. وتظهر الفائدة في نية الوجوب بعد حصول الحدث وقبل وقت العبادة فإنه يتحقق وإن كان موسعا فينوي فيه الوجوب، وفي نية الاستباحة فإنها قبل التكليف بما يستباح بها لا تعتبر نيتها فيه لعدم الموجب لأن وجوب الغسل حينئذ للحدث لا لإباحة شيء فإذا دخل وقت عبادة مشروطة به أو تحقق وجوبها أو ما في معناه- كتضيق الليل إلا لفعله بالنسبة إلى الصوم- تجدد له سبب آخر يقتضي الاستباحة، فتعتبر نيتها حينئذ، لأجل السبب الطاري عند من يعتبر الاستباحة حينئذ، ولا يعد في اختلاف خواص الأسباب فإنه يتحقق في غيره.
وبهذا التحقيق يمكن الجمع بين الأدلة الدالة على وجوبه لنفسه، لقوله صلى الله عليه
صفحة ٢٦