فاتنة الإمبراطور: فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا السابق وعشيقته كاترين شراط
تصانيف
فهزت البارونة برجن رأسها وقالت: أما قلت لك يا مولاتي أني لو أخبرتك بذلك لمنعتني. - بالطبع أمنعك؛ لأني لا أريد محاربة الشر بالشر. - ولكن هذه المكيدة لو نجحت لما حطت من مقام تلك الممثلة؛ لأنها طالما أقامت في مثل ذلك المنزل، وإنما كانت بغيتي أن يرى جلالته أين مقام من احتظاها! - ويلاه! رباه! أهذا جزاء الأطهرين؟ - كلا يا مولاتي، ولا ذاك جزاء الأشرار، لا أدري كيف انقلبت المكيدة، فلا بد أن يكون في الأمر خيانة، يجب أن أتحرى. - قبل كل شيء يجب أن أظفر بتلك الخائنة التي تنتحل اسم الكونتس ألما فورتن. - مهلا يا مولاتي، لا أستحسن الضوضاء والجلبة في هذا الأمر تنزيها لاسمك الطاهر من أن يكون مضغة، فاعتبري أن الأمر لم يكن واتركيني أسير في سبيلي إلى الحرب العوان ضد تلك الفاجرة التي سلبت سعادتك.
الفصل السادس عشر
تتمة الفشل
في ذلك المساء اجتمعت البارونة مرثا برجر بالمصور ماركوس فورسن، فقالت له والغضب ينبت من عينيها: في المسألة خيانة هائلة، فأود أن أعلم من الخائن. - عفوك يا مولاتي لقد لعبت دوري متقنا. - إلى النهاية؟ - إلى النهاية. - هل جاءت؟ - مدام شراط؟ نعم، أرسلت لي خبرا مساء أمس أنها آتية اليوم الساعة التاسعة صباحا، وقبل هذا الميعاد هيأت كل شيء، ولما وافت كانت خمس دقائق أو أكثر قليلا بعد التاسعة، فرحبت بها وأدخلتها إلى الغرفة لكي تنزع ثوبها وتعد نفسها حسب المطلوب، وبعد هنيهة نقرت على الباب وقلت لها ألا تخرج حتى أوعز إليها لأني مشغول دقائق قليلة ببعض زبائن جاءوا فجأة، ثم أخذت حقيبتي وخرجت وبحثت عن الرجلين، فرأيتهما ينتظران في المكان المعين فأخبرتهما أن يذهبا، فذهبا وبقيت أراقبهما من بعيد، وقبل أن يصلا رأيت أوتوموبيلا ينصرف من أمام الباب، فلم أعبأ به، وبعد قليل رأيت الأوتوموبيل المزركش يقف قرب الباب، ثم رأيت الشرطيين يقبضان على صاحبة المنزل وهي خارجة وزجاها في الأوتوموبيل، ثم رأيت أحد الرجلين دخل إلى حانوت بدال، وبعد هنيهة عاد مسرعا ودخل إلى المنزل بعد أن كلم الشرطيين كلمتين، وبعد دقائق خرج الرجلان ومعهما امرأة وأدخلاها إلى الأوتوموبيل، فدهشت إذ رأيت المرأة غير من أعهد، ثم سار الأوتوموبيل وأنا حيران ولم أعد أجسر أن أعود إلى المنزل إلا مساء، هذا كل ما وقع تحت نظري وفي علمي. - هل تعرف جميع من يقيم في المنزل؟ - لا أعرف إلا نينا فرست، وهي التي استخدمتها بحجة أني أعلمها التصوير. - قلت أنك رجعت إلى المنزل مساء؟ - نعم، لكي أرى نينا فرست، فقالت لي صاحبة المنزل أنها تركت المنزل منذ الصباح ولم تعد، ويظهر أنها لن تعود لأن صاحبة المنزل لما عادت من دائرة البوليس قال لها البواب إن نينا أخذت حقيبتها وهي دافعة الأجرة مقدما. - هل تعرف إن كان في المنزل امرأة ذات لقب كونتس؟ - لا، لعل صاحبة المنزل أخبر مني. - صاحبة المنزل تقول إنها لا تعرف واحدة ذات لقب، فلا أدري إذا كانت تمكر. - لا أظنها تمكر؛ لأنها لا تعرف شيئا من ترتيبنا، فضلا عن أنها ساذجة. - وهل في المنزل امرأة مسنة؟ - لا أدري ، لعل أم صاحبة المنزل مسنة؟ - أما رأيت مدام شراط خارجة من المنزل؟ - كلا البتة، لعلها خرجت قبلي؛ لأني تأخرت نحو خمس دقائق؛ إذ وضعت أشيائي في الحقيبة حتى لا يبقى منها ما يكون علة أو تعليلا. - أود أن أرى نينا فرست هذه. - لا أدري كيف أحظى بها ثانية، والظاهر أنها فرت من العاصمة. - أما عرفت نينا شيئا من ترتيبك. - كلا البتة. - عجبا لا ريب أنها خائنة، أما تقدر أن تبحث عنها، فإني أريد أن أرى وجهها. - ها صورتها الفوتوغرافية.
ودفع إليها صورة فتناولتها وتأملتها وهي تقول: إنها تشبهها كثيرا، لولا اختلاف في التبرج لكنت أقول إنها هي، لا بد أن تكون إياها، بل هي هي تلك اللعينة التي نسجت هذا الدور، يا لها من جسورة فاجرة، ماذا تفعل هذه الشيطانة؟ - كانت ممثلة في مرسيليا، وقد جاءت إلى هنا منذ بضعة أيام، وهي تحاول أن تنتظم في سلك جوقة من الجوقات. - هل تعلم إن كانت ذات صلة بمدام شراط؟ - تعرفها منذ كانتا تمثلان معا في ترسينا. - هل تظن أنها ذهبت إليها؟ - لم ألاحظ قط أنها فعلت.
الفصل السابع عشر
دفن الجيفة النتنة
في ذلك المساء عينه أيضا دخل الإمبراطور فرنز جوزف إلى خدر زوجته الإمبراطورة وقد فرغ من مهام سياسة النهار، فوجد الإمبراطورة مستلقية على مقعدها وآمائر الاكتئاب بادية في محياها، ولم تنهض لاستقباله كعادتها؛ فقال باسما متهكما: عذرا يا إليصابات، سهوت أن أبلغ إليك خبر قدومي.
فنظرت فيه محملقة وقالت: لم تعتد أن تعتذر يا سيدي، فلماذا تعتذر؟ - ولا اعتدت أن أدخل وأجلس وأنت مستلقية. - صدقت، كانت الإمبراطورة دائما تستقبل الإمبراطور بالحفاوة، فلما لم يبق إمبراطورة زالت الحفاوة.
فعبس الإمبراطور قائلا: لعل الإمبراطورة فقدت امبراطوريتها في دائرة البوليس. - بالطبع؛ لأنه لم يسمع في التاريخ أن الإمبراطورة تساق إلى دائرة البوليس كمجرمة. - من عرض نفسه إلى الهوان يهان طبعا، إلى الآن لم أدر كيف حدث هذا الحادث الفظيع؟ - كيف دريت إذن أني في دائرة البوليس؟ - إن شخصا مجهولا تلفن إلى السكرتيرية أن جلالة الإمبراطورة في دائرة البوليس، فلما بلغ الخبر إلى مسامعي دهشت، وسألت روفر فحقق لي الخبر. فما الذي أوقعك في يد الشرطة وهم يجهلونك؟ - لو كان الإمبراطور حريصا على هيبته الإمبراطورية لما كان أحد يجسر أن يلعب على زوجته دورا فظيعا كهذا الدور. - إن الإمبراطور حريص على هيبته، ولكن الإمبراطورة مفرطة بكرامتها وإلا لما جسر أحد أن يلعب عليها دورا، إني أريد أن أسمع وصف الحادثة كما حدثت، وبعد ذلك ناقشيني إن كان لك وجه للمناقشة.
صفحة غير معروفة