216

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

محقق

محمد حامد الفقي

الناشر

مطبعة السنة المحمدية،القاهرة

رقم الإصدار

السابعة

سنة النشر

١٣٧٧هـ/١٩٥٧م

مكان النشر

مصر

مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ ١ ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم " ٢ ويأتي. فكل من دعا نبيا أو وليا من دون الله فقد اتخذه إلها، وضاهأ النصارى في شركهم، وضاهأ اليهود في تفريطهم. فإن النصارى غلوا في عيسى ﵇، واليهود عادوه وسبوه وتنقصوه. فالنصارى أفرطوا، واليهود فرطوا. وقال تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾ ٣. ففي هذه الآية وأمثالها الرد على اليهود والنصارى. قال شيخ الإسلام ﵀: ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى، وغلا في الدين بإفراط فيه أو تفريط فقد شابههم. قال: وعلي ﵁ حرق الغالية من الرافضة، فأمر بأخاديد خُدّت لهم عند باب كِندة٤ فقذفهم فيها. واتفق الصحابة على قتلهم. لكن ابن عباس مذهبه أن يُقتلوا بالسيف من غير تحريق. وهو قول أكثر العلماء. قوله: "في الصحيح عن ابن عباس ﵄ في قول الله تعالى: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ ٥ فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا; ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت". قوله: "وفي الصحيح" أي صحيح البخاري.

١ سورة الحديد آية: ١٦. ٢ البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥): باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها.) من حديث عمر بن الخطاب ﵁. ٣ سورة المائدة آية: ٧٥. ٤ باب من أبواب الكوفة. الغلاة المحرقون: هم عبد الله بن سبأ اليهودي وأتباعه. قالوا: إن عليا إلههم، فنهاهم فلم ينتهوا فحرقهم. وإنما أراد ابن سبأ بذلك إحداث فتنة، وخلق شيع; وفتح ثغرة في صفوف المسلمين. وقد حدث ما أراد هذا اليهودي الملعون. ووجد في الناس كثير ممن أطاعه وأله عليا وأبناءه وكفر بالله ورسوله وعادى عليا والمؤمنين. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ٥ سورة نوح آية: ٢٣.

1 / 219