215

فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

محقق

محمد حامد الفقي

الناشر

مطبعة السنة المحمدية،القاهرة

رقم الإصدار

السابعة

سنة النشر

١٣٧٧هـ/١٩٥٧م

مكان النشر

مصر

الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم؛ لأنه لو قالها لنفعته. الثانية عشرة: التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين؛ لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها. مع مبالغته صلي الله عليه وسلم وتكريره؛ فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم اقتصروا عليها.
باب: "ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين" وقول الله ﷿: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ﴾ ١.

قوله: "باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين". قوله: "تركهم" بالجر عطفا على المضاف إليه. وأراد المصنف - رحمه الله تعالى - بيان ما يئول إليه الغلو في الصالحين من الشرك بالله في الإلهية الذي هو أعظم ذنب عُصي الله به، وهو ينافي التوحيد الذي دلت عليه كلمة الإخلاص: شهادة أن لا إله إلا الله. قوله: "وقول الله ﷿": ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ ٢ الغلو: هو الإفراط في التعظيم بالقول والاعتقاد، أي لا ترفعوا المخلوق عن منزلته التي أنزله الله فتنزلوه المنزلة التي لا تنبغي إلا لله. والخطاب - وإن كان لأهل الكتاب - فإنه عام يتناول جميع الأمة، تحذيرا لهم أن يفعلوا بنبيهم صلي الله عليه وسلم فعل النصارى في عيسى، واليهود في العزير٣ كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ _________ ١ سورة النساء آية: ١٧١. ٢ سورة النساء آية: ١٧١. ٣ في قرة العيون: وقد وقع ذلك الشرك في العبادة في هذه الأمة نظما ونثرا كما في كلام البوصيري والبرعي وغيرهما، وفيما فعلوه من الغلو والشرك محادة لله ولكتابه ولرسوله ﷺ; فأين ما وقع فيه هؤلاء الجهلة من قول من قال للنبي ﷺ: (أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا)، فكره ذلك ﷺ أشد الكراهة؟ كما سيأتي في الكلام على هذا الحديث - إن شاء الله تعالى -، وقول القائل: "ما شاء الله وشئت"، فقال: أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده".

1 / 218