لكيلا تحزنوا على ما فاتكم، ولا ما أصابكم. والحزن أخو الغضب لأسباب كثيرة:
فمنها أن الحزن غضب في الحقيقة لأنه يغضب لما نال منه الدهر فيحزن. ومنها أن الرجل يأثم بالحزن، ويأثم بالغضب. قال تعالى: وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء، والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس والله يحب المحسنين.
ومنها أن الحزن ينال من الإنسان ويخلط عليه، كما إن الغضب ينال منه ويخلط عليه وقد دلَّ على ذلك بقوله أيضًا في عضد الدولة:
آخر ما المُلْك مُعزّى به ... هذا الذي أثّرَ في قلبه
لا جزعًا بل أنفًا شابه ... أن يقدر الدهر على غَصْبِهِ
ألا تراه فرق بينهما، وجعل تأثيره في قلبه لا للجزع والحزن ولكن للغضب والأنف والحمية أن يقدر الدهر على غضبه. وكما فسّر قوله:
فكل حزن أخي حزن أخو الغضب
بالبيت الذي يليه وهو قوله:
وأنتم معشر تسخو نفوسكم ... بما يهين ولا تسخون بالسَلَب
ألا تراه قد دلّ على أن الحزن أخو الغضب، لأنه يحزن كيف قدر الدهر على سلبه. والحزن والغضب عند المتكلمين شيء واحد، وإنما
1 / 53