وما صبابة مشتاق على أمل ... من اللقاء كمشتاق بلى أمل
معنيا هذين البيتين متصلان. وذاك إنه يقول لمن تعجب من كثرة عبراته مع النوى: لا تعجب، فهكذا كان بكاي وليس بيني وبينها بعد غير كلتها. ثم قال: وليس شوق من هو أمل للقاء حبيبته في الشدة كشوق من لا أمل له في لقائه. ويقول: لما كان البعد بيني وبينها الكلة كنت آمل لقاءها عن قرب. وكان بكاي هذا البكاء فكيف يكون الآن وما أمل لقاءها. ألا ترى إلى وجد القائل:
خليلين لا نرجو اللقاء ولا نرى ... خليلين ألا يرجوان التلاقيا
وقول الآخر:
كلانا يا أخي بحي ليلى ... بفي وفيك من ليلى التراب
ولقائل أن يقول: بل وجد من يرجو اللقاء اشد، وصبابته أقوى ألا ترى إلى قول القائل:
وأبرح ما يكون الشوق يومًا ... إذا دنت الديارُ من الديارِ