87

فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

بطمأنينة وإسماع الأربعين أركانهما وسن ترتيبهما وإنصاف فيهما وكونهما على منبر فمرتفع وأن يسلم على من عنده ويقبل عليهم إذا صعد ويسلم ثم يجلس فيؤذن واحد وتكون بليغة مفهومة متوسطة ولا يلتفت ويشغل يسراه بنحو سيف ويمناه بحرف المنبر ويكون جلوسه بينهما قدر سورة الإخلاص ويقيم بعد فراغه مؤذن ويبادر هو.
ــ
" وَشُرِطَ كَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ " وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ مَنْ يُحْسِنُ العربية ولم يمكن تعلمها خطب بغيرها أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالٍ مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ " وَ" كَوْنُهُمَا " فِي الْوَقْتِ " أَيْ وَقْتَ الظُّهْرِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: " وَوَلَاءٌ " بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ " وَطُهْرٌ " عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ وَعَنْ نَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَمَكَانِهِ " وَسَتْرُ " الْعَوْرَةِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ " وَقِيَامُ قادر " عليه فيهما " وجلوس بينهما " للاتبارع رَوَاهُ مُسْلِمٌ: " بِطُمَأْنِينَةٍ " فِي جُلُوسِهِ كَمَا فِي الجلوس بين السجدتين وهذا من زيادتي وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وُجُوبًا " وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ " الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ " أَرْكَانَهُمَا " لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُمَا كَالْعَامِّيِّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونِ الأربعين ولا حضورهم بلا سماع لصمم أَوْ بُعْدٍ أَوْ نَحْوِهِ.
" وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا " أَيْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ كَمَا جَرَى عليه السلف والخلف وإنما لم يحب لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَتَقْيِيدُ الْإِسْمَاعِ بِالْأَرْكَانِ مَعَ ذِكْرِ سَنِّ التَّرْتِيبِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ" سُنَّ لِمَنْ سَمِعَهُمَا " إنْصَاتٌ فِيهِمَا " أَيْ سُكُوتٌ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ ١" ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ وسميت قرآنا لاشتمالها عليه ووجب رد السلام وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ قِرَاءَةِ الخطيب: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ ٢ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ إبَاحَةَ الرَّفْعِ وَصَرَّحَ القاضي أبو الطيب بكراهته وعلى مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ فِيهِمَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي الثالثة ما أعددت لها فقال حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَ السُّكُوتِ وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدْبِ جمعا بين الدليلين أما من لم يسمعها فَيَسْكُتُ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ أَوْ الْقِرَاءَةِ " وَ" سُنَّ " كَوْنُهُمَا عَلَى مِنْبَرٍ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ " ف " إن لم يكن منبر فَعَلَى " مُرْتَفِعٍ " لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمِنْبَرِ فِي بُلُوغِ صَوْتِ الْخَطِيبِ النَّاسَ وَسُنَّ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بأو.
" وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ " إذَا انْتَهَى إلَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ " وَ" أَنْ "يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ" الْمِنْبَرَ أَوْ نَحْوَهُ وَانْتَهَى إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّاةُ بِالْمُسْتَرَاحِ " وَ" أَنْ " يُسَلِّمَ " عَلَيْهِمْ " ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ " لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ رَوَاهُ فِي الْأَخِيرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَقِيَّةِ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْجُلُوسِ مَعَ قَوْلِي وَاحِدٌ مِنْ زِيَادَتِي " وَ" أَنْ " تَكُونَ " الْخُطْبَةُ " بليغة " أَيْ فَصَيْحَةً جَزْلَةً لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً فَإِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ " مَفْهُومَةً " أَيْ قَرِيبَةً لِلْفَهْمِ لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ " مُتَوَسِّطَةً " لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ تُمِلُّ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا أَيْ مُتَوَسِّطَةً وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ قَصِيرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لخبر مسلم: "أطيلو الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ" بِضَمِّ الصَّادِ وَتَعْبِيرِي بِمُتَوَسِّطَةٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَصِيرَةٍ فَإِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ " وَ" أَنْ " لَا يَلْتَفِتَ " فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ له " و" أن " يشغل يسراه بِنَحْوِ سَيْفٍ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ قام بالسلاح.

١ لأعراف: ٢٠٤.
٢ الأحزاب: ٥٦.

1 / 89