166

فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

الناشر

دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

مخافة أن يسحرهم بكلماته، وذلك حكاه القرآن عنهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ (٢٦) سورة فصلت. وأخذ الكفار يشيعون هذا الخبر في القبائل المجاورة، بل وفي الوفود التي تفد إلى مكة في مواسم الحج. استماع الطفيل بن عمرو الدوسي للقرآن وتحكى لنا كتب السيرة قصة رجل من اليمن من قبيلة دوس قدم مكة عام (١١) من النبوة ألا وهو الطفيل بن عمرو الدوسي ﵁ فاستقبله أهل مكة قبل وصوله إليها، وبذلو له أجل تحية وأكرم تقدير، وقالوا له: يا طفيل!، إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل بين أظهرنا قد أعضل بنا، وقد فرِّق جماعتنا، وشتت أمرنا، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجه، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمه ولا تسمعن منه شيئًا. يقول الطفيل: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئًا ولا أكلمه، حتى حشوت أذني حين غدوت إلى المسجد كُرْسفًا (قطنًا)؛ فرقًا من أن يبلغني شيئ من قوله، قال: فغدوت إلى المسجد، فإذا هو قائم يصلي عند الكعبة فقمت قريبًا منه، فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلامًا حسنًا، فقلت في نفسي، واثكل أمي، والله إني رجل لبيب شاعر ما يخفى علىَّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإذا كان حسنًا قبلته، وإن كان قبيحًا رددته، فمكثت حتى انصرف إلى بيته، فاتبعته، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فعرضت عليه قصة مقدمي، وتخويف الناس إياي، وسد الأذن بالكُرْسف، ثم سماع بعض كلامه، وقلت

1 / 182