فتح الرحمن في بيان هجر القرآن
الناشر
دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
وقال فى النساء: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ (١٥٥ - ١٥٦) سورة النساء. إلى آخر القصة فأخبر بذنوبهم التى استحقوا بها ما استحقوه ومنها قولهم: ﴿قُلُوبُنَا﴾.
فعلم أنهم كاذبون فى هذا القول قاصدون به الامتناع من الواجب. ولهذا قال: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه﴾ و﴿طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ فهي وإن سمعت الخطاب وفقهته لا تقبله ولا تؤمن به، لا تصديقا له ولا طاعة وإن عرفوه كما قال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ﴾ (١٤٦) سورة البقرة. فـ ﴿غُلْفٌ﴾ جمع أغلف. وأما (غلف) بالتحريك فجمع غلاف، والقلب الأغلف بمنزلة الأقلف فهم ادعوا ذلك وهم كاذبون فى ذلك، واللعنة: الابعاد عن الرحمة، فلو عملوا به لرحموا، ولكن لم يعملوا به، فكانوا مغضوبًا عليهم ملعونين، وهذا جزاء من عرف الحق ولم يتبعه، وفقه كلام الرسل ولم يكن موافقا له بالإقرار تصديقًا وعملًا.
و(الصنف الرابع) الذين سمعوا سماع فقه وقبول فهذا هو السماع المأمور به كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ (٨٣) سورة المائدة، وقال تعالى: ... ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ (١ - ٢) سورة الجن، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن
1 / 155