فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
الناشر
دار ابن القيم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
الدمام المملكة العربية السعودية
تصانيف
٢ لَمَّا توفي رسول الله ﷺ، واستُخلف أبو بكر ﵁، وارتدَّ مَن ارتدَّ من العرب، وامتنع مَن امتنع من دفع الزكاة، عزم أبو بكر ﵁ على قتالهم؛ بناءً على أنَّ من حقِّ الشهادتين أداء الزكاة، ولم يكن عنده الحديث بإضافة الصلاة والزكاة إلى الشهادتين، كما في هذا الحديث، فناظره عمر في ذلك، وجاءت المناظرة بينهما في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم (٢٠)، قال: "لَمَّا توفي رسول الله ﷺ، واستُخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناسَ وقد قال رسول الله ﷺ: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاَّ الله، فمن قال لا إله إلاَّ الله فقد عصم منِّي مالَه ونفسه إلاَّ بحقِّه، وحسابهم على الله تعالى"، فقال أبو بكر: والله! لأقاتلنَّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإنَّ الزكاة حقُّ المال، والله! لو مَنَعوني عقالًا كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فوالله! ما هو إلاَّ أن رأيت الله ﷿ قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنَّه الحقُّ".
قال الحافظ في الفتح (١/٧٦): "وقد استبعد قومٌ صحته بأنَّ الحديثَ لو كان عند ابن عمر لَمَا ترك أباه ينازع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة، ولو كانوا يعرفونه لَما كان أبو بكر يُقرُّ عمر على الاستدلال بقوله ﵊: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاَّ الله" وينتقل عن الاستدلال بهذا النص إلى القياس؛ إذ قال: لأقاتلنَّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ لأنَّها قرينتُها في كتاب الله، والجواب: أنَّه لا يلزم من كون الحديث المذكور عند ابن عمر أن يكون استحضره في تلك الحالة، ولو كان مستحضرًا له فقد يحتمل أن لا يكون حَضَر
1 / 47