فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
الناشر
دار ابن القيم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
الدمام المملكة العربية السعودية
تصانيف
دون تكييف أو تمثيل، ودون تحريف أو تأويل أو تعطيل، وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به، كما قال الله ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فجمع في هذه الآية بين الإثبات والتنزيه، فالإثبات في قوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ والتنزيه في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ ٌ، فله ﷾ سمع لا كالأسماع، وبصر لا كالأبصار، وهكذا يُقال في كلِّ ما ثبت لله من الأسماء والصفات.
والإيمان بالملائكة الإيمانُ بأنَّهم خَلقٌ من خلق الله، خُلقوا من نور، كما في صحيح مسلم (٢٩٩٦) أنَّ رسول الله ﷺ قال: "خُلقت الملائكةُ من نور، وخُلق الجانُّ من مارج من نار، وخُلق آدم مِمَّا وُصف لكم"، وهم ذوو أجنحة كما في الآية الأولى من سورة فاطر، وجبريل له ستمائة جناح، كما ثبت ذلك عن رسول الله ﷺ وتقدَّم قريبًا، وهم خلقٌ كثيرٌ لا يعلم عددَهم إلاَّ الله ﷿، ويدلُّ لذلك أنَّ البيتَ المعمور وهو في السماء السابعة يدخله كلَّ يوم سبعون ألف ملَك لا يعودون إليه، رواه البخاري (٣٢٠٧)، ومسلم (٢٥٩)، وروى مسلم في صحيحه (٢٨٤٢) عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "يُؤتَى بجهنَّم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كلِّ زمام سبعون ألف ملَك يجرُّونها".
والملائكةُ منهم الموَكَّلون بالوحي، والموكَّلون بالقطر، والموكَّلون بالموت، والموكَّلون بالأرحام، والموكَّلون بالجنَّة، والموكَّلون بالنار، والموكَّلون بغير ذلك، وكلُّهم مستسلمون منقادون لأمر الله، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمَرون، وقد سُمِّي منهم في الكتاب والسنة جبريل وميكائيل وإسرافيل ومالك ومنكر ونكير، والواجب الإيمان بمَن
1 / 21