الجماعة سنة وما زاد على الواحد جماعة في غير الجمعة عن محمد رحمه الله قوله الجماعة سنة لا يطابق دليله الذي ذكره الدعوى إذ مقتضاه الوجوب إلا لعذر إلا أن يريد ثبوتها بالسنة وحاصل الخلاف في المسئلة أنها فرض عين إلا من عذر وهو قول أحمد وداود وعطاء وأبي ثور وعن ابن مسعود وأبي موسى الأشعري وغيرهما من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له وقيل على الكفاية وفي الغاية قال عامة مشايخنا إنها واجبة وفي المفيد أنها واجبة وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة وفي البدائع يجب على العقلاء البالغين الأحرار القادرين على الجماعة من غير حرج وإذا فاتته لا يجب عليه الطلب في المساجد بلا خلاف بين أصحابنا بل إن أتى مسجدا آخر للجماعة فحسن وإن صلى في مسجد حيه منفردا فحسن وذكر القدوري يجمع بأهله ويصلي بهم يعني وينال ثواب الجماعة وقال شمس الأئمة الأولى في زماننا تتبعها وسئل الحلواني عمن يجمع بأهله أحيانا هل ينال ثواب الجماعة فقال لا ويكون بدعة ومكروها بلا عذر واختلف في الأفضل من جماعة مسجد حيه وجماعة المسجد الجامع وإذا كان مسجدان يختار أقدمهما فإن استويا فالأقرب وإن صلى في الأقرب وسمع إقامة غيره فإن كان دخل فيه لا يخرج وإلا فيذهب إليه وهذا على الإطلاق تفريع على أفضلية الأقرب مطلقا لا على من فضل الجامع فلو كان الرجل متفقها فمجلس أستاذه لدرسه أو مجلس العامة أفضل بالإتفاق وقد سمعت أن الجماعة تسقط بالعذر فمن الأعذار المرض وكونه مقطوع اليد والرجل من خلاف أو مفلوجا أو مستخفيا من السلطان أولا يستطيع المشي كالشيخ العاجز وغيره وإن لم يكن بهم ألم وفي شرح الكنز والأعمى عند أبي حنيفة والظاهر أنه اتفاق والخلاف في الجمعة لا الجماعة ففي الدراية قال محمد لا يجب على الأعمى وبالمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة في الصحيح وعن أبي يوسف سألت أبا حنيفة عن الجماعة في طين وردغة فقال لا أحب تركها وقال محمد في الموطأ الحديث رخصة يعني قوله صلى الله عليه وسلم إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال وما عن ابن أم مكتوم أنه قال يا رسول الله إني ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال أتسمع النداء قال نعم قال ما أجد لك رخصة رواه أبو داود وأحمد والحاكم وغيرهم معناه لا أجد لك رخصة تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها لا الإيجاب على الأعمى فإنه صلى الله عليه وسلم رخص لعتبان بن مالك في تركها وقيل الجماعة سنة مؤكدة في قوة الواجب فهذه أربعة أقوال وجه الأول قوله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر بالمؤذن فيؤذن ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم الحطب إلى قوم يتخلفون عن الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار وليس المراد ترك الصلاة أصلا بدليل ما عن أبي هريرة رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر فتية فيجمعوا لي حزما من حطب ثم آتى قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم فقيل ليزيد هو ابن الأصم الجمعة عني أو غيرها قال صمت أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر جمعة ولا غيرها رواه مسلم وغيره وإنما قالوا ليزيد ذلك لأنه روى عن ابن مسعود نحوه إلا أنه قال يتخلفون عن الجمعة رواه مسلم أيضا قيل هما روايتان رواية في الجمعة ورواية في الجماعة وكلاهما صحيح وروى ابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر رواه الحاكم وقال على شرطهما والجواب أن ما ذكر يصلح وجها للوجوب لأن الفرض لا يثبت بخبر الواحد فهو دليل عامة مشايخنا على ما في الغاية وتسميتها سنة على ما في حديث ابن مسعود لا حجة فيه للقائلين بالسنية إذ لا ينافي الوجوب في خصوص ذلك الإطلاق وهو قول ابن مسعود من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى بها يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف وهذا لأن سنن الهدى أعم من الواجب لغة كصلاة العيد وقوله لضللتم يعطى الوجوب ظاهرا وفي رواية لأبي داود عنه لكفرتم ولعل حديث ابن مسعود هذا هو الذي ذكره المصنف بناء على أنه ذكر بعضه بالمعنى إلا أنه رفع قوله لا يتخلف عنها إلا منافق فأفاد أنه وعيد منه صلى الله عليه وسلم يعني أن وصف النفاق يتسبب عن التخلف لا إخبار أن الواقع أن التخلف لا يقع إلا من منافق فإن الإنسان قد يتخلف كسلا مع صحة الإسلام ويقين التوحيد وعدم النفاق وحديث ابن مسعود إنما يفيد أن الواقع إذ ذاك عدم التخلف إلا من منافق على أن معنى هذه الزيادة روى مرفوعا عنه صلى الله عليه وسلم قال الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع منادي الله ينادي إلى الصلاة فلا يجيبه رواه أحمد والطبراني وفي رواية للطبراني عنه صلى الله عليه وسلم بحسب المؤمن من الشقاء والخيبة أن يسمع المؤذن يثوب بالصلاة فلا يجيبه والتثويب هنا الإقامة سماها به لأن الإقامة عود إلى الإعلام بعد الإعلام بالأذان أما التثويب بين الأذان والإقامة فلم يكن على عهده صلى الله عليه وسلم غير أن هذا يفيد تعليق الوجوب بسماع الإقامة بعد ثبوت حسنه ويتوقف الوعيد في حديث التحريق على كونه لترك الحضور دائما كما هو ظاهر قوله لا يشهدون الصلاة وقوله في الحديث الآخر يصلون في بيوتهم ليست بهم علة كما يعطيه ظاهر إسناد المضارع في مثله نحو بنو فلان يأكلون البر أي عادتهم فيكون الوجوب للحضور أحيانا والسنة المؤكدة التي تقرب منه المواظبة عليها وما تمسك به مثبتو السنة من قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في الجماعة تفضل على صلاته في بيته أو سوقه سبعا وعشرين ضعفا فإنه يقتضي ثبوت الصحة والفضيلة بلا جماعة فجوابه أنه لا يستلزم أكثر من ثبوت صحة ما في البيت والسوق في الجملة بلا جماعة ولا شك فيه إذا فاتته الجماعة فالمعنى صلاة الجماعة أفضل من الصلاة في بيته فيما تصح فيه ولو كان مقتضاه الصحة مطلقا بلا جماعة لم يدل على سنيتها لجواز أن الجماعة ليست من أفعال الصلاة فيكون تركها مؤثما لا مفسدا وحاصله أنه إيجاب فعل الصلاة في جمع كإيجاب فعلها في أرض غير مغصوبة وزمان غير مكروه فإن قلت لم لم تقل في الجواب إنه يقتضي الصحة وعدم الواجب لا ينافيها فالجواب أن اللزوم ملاحظ باعتبارين باعتبار صدوره من الشارع وباعتبار ثبوته في حقنا فملاحظته بالإعتبار الثاني إن كان طريق ثبوته عن الشارع قطعيا كان متعلقه الفرض ونافى ترك مقتضاه الصحة وإن كان ظنيا كان الوجوب ولم ينافها لا لاسم الوجوب بل لأن ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم ليس قطعيا فإنا لو قطعنا به عنه نافى ولذا لا يثبت هذا القسم أعني الواجب في حق من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة مع قطيعة دلالة المسموع فليس في حقه إلا الفرض الذي عدمه مناف للصحة أو غير اللازم من السنة فما بعدها فظهر بهذا أن ملاحظته بالإعتبار الأول ليس فيه وجوب بل الفرضية أو عدم اللزوم أصلا والكلام فيما نحن فيه إنما هو باعتبار صدوره منه صلى الله عليه وسلم أنه قاله مريدا معنى ظاهره أولا فلا يكون بهذا الإعتبار متعلق الخطاب إلا الإفتراض أو عدم اللزوم فلا يتأتى الجواب بأن الوجوب لا ينافي عدمه الصحة فتأمل وقد كمل إلى هنا أدلة المذاهب سوى مذهب الكفاية وكأنه يقول المقصود من الإفتراض إظهار الشعار وهو يحصل بفعل البعض وهو ضعيف إذ لا شك في أنها كانت تقام على عهده عليه الصلاة والسلام في مسجده ومع ذلك قال في المتخلفين ما قال وهم بتحريقهم ولم يصدر مثله عنه فيمن تخلف عن الجنائز مع إقامتها بغيرهم قوله يؤم القوم الحديث أخرجه الجماعة إلا البخاري واللفظ لمسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه قال الأشج في روايته مكان إسلاما سنا ورواه ابن حبان والحاكم إلا أن الحاكم قال عوض فأعلمهم بالسنة فأفقههم فقها فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنا وهي لفظة غريبة وإسنادها صحيح واختلف المشايخ في الإختيار منهم من اختار قول أبي يوسف ومنهم كالمصنف من اختار قول أبي حنيفة ومحمد رحمهم الله وهو أن الأعلم أولى بعد كونه يحسن القراءة المسنونة وجعل المصنف هذا الحديث دليلا للمختار عنده بناء على أن الأقرأ كان أعلم لتلقيهم القرآن بأحكامه ونظر فيه برواية الحاكم ولو صح فإنما مفاده أن الأقرأ أعلم بأحكام الكتاب فصار الحاصل يؤم القوم أقرؤهم أي أعلمهم بالقراءة وأحكام الكتاب فإنهما متلازمان على ما ادعى وإن كانوا في القراءة والعلم بأحكام الكتاب سواء فأعلمهم بالسنة وهذا أولا يقتضي في رجلين أحدهما متبحر في مسائل الصلاة والآخر متبحر في القراءة وسائر العلوم ومنها أحكام الكتاب أن التقدمة للثاني لكن المصرح به في الفروع عكسه بعد إحسان القدرالمسنون والتعليل الذي ذكره المصنف يفيده حيث قال لأن العلم يحتاج إليه في سائر الأركان والقراءة لركن واحد وثانيا يكون النص ساكتا عن الحال بين من انفرد بالعلم عن الأقرئية بعد إحسان المسنون ومن انفرد بالأقرئية عن العلم لا كما ظن المصنف فإنه لم يقدم الأعلم مطلقا في الحديث على ذلك التقدير بل من اجتمع فيه الأقرئية والأعلمية اللهم إلا أن يدعي أنه أراد بلفظ الأقرأ الأعلم فقط أي ليس بأقرأ فيكون مجازا خلاف الظاهر بل الظاهر أنه أراد الأقرأ غير أن الأقرأ يكون أعلم باتفاق الحال إذ ذاك فأما المنفرد بالأقرئية والمنفرد بالأعلمية فلم يتناولهما النص فلا يجوز الإستدلال به على الحال بينهما كما فعل المصنف فإن قيل فليكن أراد الأقرأ لكنه معلل بكونه أعلم فيفيد في محل النزاع فالجواب أنه لو سلم فإنما يكون معللا بأعلمية أحكام الكتاب دون السنة والإتفاق على أنه ليس كذلك إذ المقصود الأعلمية بأحكام الصلاة على ما نقلناه ويشير إليه تعليل المصنف وهي لا تستفاد من الكتاب بل من السنة أرأيت ما يفسد الصلاة وما يكره فيها على كثرة شعبه ومسائل الإستخلاف يعرف ذلك من الكتاب أم من السنة وليس تتضمن الأقرئية التعليل بالأعلمية بالسنة ألا يرى أنه قال بعده فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ولذااستدل به جماعة لأبي يوسف واستدلوا لمختار المصنف بما أخرجه الحاكم يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأفقههم في الدين فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم للقرآن ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه وسكت عنه وهو معلول بالحجاج بن أرطاة والحق أن عبارتهم فيه لا تفحش ولكن لا تقوى قوة حديث أبي يوسف وأحسن ما يستدل به لمختار المصنف حديث مروا أبا بكر فليصل بالناس وكان ثمة من هو أقرأمنه لا أعلم دليل الأول قوله صلى الله عليه وسلم أقرؤكم أبي ودليل الثاني قول أبي سعيد كان أبو بكر أعلمنا وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون المعول عليه وفي المجتبى فإن استويا في العلم وأحدهما أقرأ فقدموا غيره أساءوا ولا يأثمون قوله فأورعهم الورع اجتناب الشبهات والتقوى اجتناب المحرمات والله سبحانه وتعالى أعلم بالحديث وروى الحاكم عنه صلى الله عليه وسلم إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم فإن صح وإلا فالضعيف غير الموضوع يعمل به في فضائل الأعمال ثم محله ما بعد التساوي في العلم والقراءة والذي في حديث الصحيح بعدهما التقديم بأقدمية الهجرة وقد انتسخ وجوب الهجرة فوضعوا مكانها الهجرة عن الخطيا وفي حديث والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب إلا أن يكون أسلم في دار الحرب فإنه تلزمه الهجرة إلى دار الإسلام فإذا هاجر فالذي نشأ في دار الإسلام أولى منه إذا استويا فيما قبلها وكذا إذا استويا في سائر الفضائل إلا أن أحدهما أقدم ورعا قدم وحديث وليؤمكما أكبركما تقدم في باب الأذان فإن كانوا سواء في السن فأحسنهم خلقا فإن كانوا سواء فأشرفهم نسبا فإن كانوا سواء فأصبحهم وجها وفسر في الكافي حسن الوجه بأن يصلي بالليل كأنه ذهب إلى ما روى عنه صلى الله عليه وسلم من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار والمحدثون لا يثبتونه والحديث في ابن ماجه عن إسماعيل بن محمد الطلحي عن ثابت بن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار قال أبو حاتم كتبته عن ثابت فذكرته لابن نمير فقال الشيخ يعني ثابتا لا بأس به والحديث منكر قال أبو حاتم والحديث موضوع وقال الحاكم دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبدالله القاضي والمستملي بين يديه وشريك يقول حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فلما نظر إلى ثابت بن موسى قال من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وإنما أراد ثابتا لزهده وورعه فظن ثابت أنه متن ذلك السند فكان يحدث به بذلك السند وإنما هو قول شريك ومنهم من جعله من قول شريك عقب ذكر متن ذلك السند وهو يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم الحديث الثابت فأدرجه ثابت وجميع المحدثين على بطلانه ثم إن استووا في الحسن فأشرفهم نسبا فإن كانوا سواء في هذه كلها أقرع بينهم أو الخيار إلى القوم واختلف في المسافر والمقيم قيل هما سواء وقيل المقيم أولى وفي الخلاصة رجل يصلح للإمامة يؤم أهل محلة غير محلته في رمضان ينبغي أن يخرج إلى تلك المحلة قبل وقت العشاء فلو ذهب بعده كره كما يكره السفر بعد دخول وقت الجمعة وفيها في موضع آخر إن كان الإمام يتنحنح عند القراءة إن لم يكن كثيرا لا بأس به وإن كثر فغيره أولى منه إلا أن يكون يتبرك بالصلاة خلفه فهو أفضل قوله ويكره تقديم العبد الخ فلو اجتمع المعتق والحر الأصلي واستويا في العلم والقراءة فالحر الأصلي أولى وحاصل كلامه أن الكراهة فيمن سوى الفاسق للتنفير والجهل ظاهر وفي الفاسق للأول لظهور تساهله في الطهارة ونحوها وفي الدراية قال أصحابنا لا ينبغي أن يقتدي بالفاسق إلا في الجمعة لأن في غيرها يجد إماما غيره اه يعني أنه في غير الجمعة بسبيل من أن يتحول إلى مسجد آخر ولا يأثم في ذلك ذكره في الخلاصة وعلى هذا فيكره في الجمعة إذا تعددت إقامتها في المصر على قول محمد وهو المفتي به لأنه بسبيل من التحول حينئذ وفي المحيط لو صلى خلف فاسق أو مبتدع أحرز ثواب الجماعة لكن لا يحرز ثواب المصلي خلف تقي اه يريد بالمبتدع من من لم يكفر ولا بأس بتفصيله الإقتداء بأهل الأهواء جائز إلا الجهمية والقدرية والروافض الغالية والقائل بخلق القرآن والخطابية والمشبهة وجملته أن من كان من أهل قبلتنا ولم يغل حتى لم يحكم بكفره تجوز الصلاة خلفه وتكره ولا تجوز الصلاة خلف منكر الشفاعة والرؤية وعذاب القبر والكرام الكاتبين لأنه كافر لتوارث هذه الأمور عن الشارع صلى الله عليه وسلم ومن قال لا يرى لعظمته وجلاله فهو مبتدع كذا قيل وهو مشكل على الدليل إذا تأملت ولا يصلي خلف منكر المسح على الخفين والمشبه إذا قال له تعالى يد ورجل كما للعباد فهو كافر ملعون وإن قال جسم لا كالأجسام فهو مبتدع لأنه ليس فيه إلا إطلاق لفظ الجسم عليه وهو موهم للنقص فرفعه بقوله لا كالأجسام فلم يبق إلا مجرد الإطلاق وذلك معصية تنتهض سببا للعقاب لما قلنا من الإيهام بخلاف ما لو قاله على التشبيه فإنه كافر وقيل يكفر بمجرد الإطلاق أيضا وهو حسن بل هو أولى بالتكفير وفي الروافض أن من فضل عليا على الثلاثة فمبتدع وإن أنكر خلافة الصديق أو عمر رضي الله عنهما فهو كافر ومنكر المعراج إن أنكر الإسراء إلى بيت المقدس فكافر وإن أنكر المعراج منه فمبتدع انتهى من الخلاصة إلا تعليل إطلاق الجسم مع نفي التشبيه وروى محمد عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز وبخط الحلواني تمنع الصلاة خلف من يخوض في علم الكلام ويناظر أصحاب الأهواء كأنه بناه على ما عن أبي يوسف أنه قال لا يجوز الإقتداء بالمتكلم وإن تكلم بحق قال الهندواني يجوز أن يكون مراد أبي يوسف رحمه الله من يناظر في دقائق علم الكلام وقال صاحب المجتبي وأما قول أبي يوسف لا تجوز الصلاة خلف المتكلم فيجوز أن يريد الذي قرره أبو حنيفة حين رأى ابنه حمادا يناظر في الكلام فنهاه فقال رأيتك تناظر في الكلام وتنهاني فقال كنا نناظر وكأن على رءوسنا الطير مخافة أن يزل صاحبنا وأنتم تناظرون وتريدون زلة صاحبكم ومن أراد زلة صاحبه فقد أراد كفره فهو قد كفر قبل صاحبه فهذا هو الخوض المنهي عنه وهذا المتكلم لا يجوز الاقتداء به واعلم أن الحكم بكفر من ذكرنا من أهل الأهواء مع ما ثبت عن أبي حنيفة والشافعي رحمهم الله من عدم تكفير أهل القبلة من المبتدعة كلهم محمله أن ذلك المعتقد نفسه كفر فالقائل به قائل بما هو كفر وإن لم يكفر بناء على كون قوله ذلك عن استفراغ وسعه مجتهدا في طلب الحق لكن جزمهم ببطلان الصلاة خلفه لا يصحح هذا الجمع اللهم إلا أن يراد بعدم الجواز خلفهم عدم الحل أي عدم حل أن يفعل وهو لا ينافي الصحة وإلا فهو مشكل والله سبحانه أعلم بخلاف مطلق اسم الجسم مع نفي التشبيه فإنه يكفر لاختياره إطلاق ما هو موهم للنقص بعد علمه بذلك ولو نفى التشبيه فلم يبق منه إلا التساهل والإستخفاف بذلك وفي مسئلة تكفير أهل الأهواء قول آخر ذكرته في الرسالة المسماة بالمسايرة ويكره الإقتداء بالمشهور بأكل الربا ويجوز بالشافعي بشروط نذكرها في باب الوتر إن شاء الله تعالى وهل يجوز اقتداء الحنفي في الوتر بمن يرى قول أبي يوسف ومحمد فيه نذكره فيه أيضا إن شاء الله تعالى قوله لقوله صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بر وفاجر تمامه في رواية الدارقطني وصلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر وأعله بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة ومن دونه ثقات وحاصله أنه من مسمى الإرسال عند الفقهاء وهو مقبول عندنا ورواه بطريق آخر بلفظ آخر وأعله وقد روى هذا المعنى من عدة طرق للدارقطني وأبي نعيم والعقيلي كلها مضعفة من قبل بعض الرواة وبذلك يرتقي إلى درجة الحسن عند المحققين وهو الصواب قوله ولا يطول بهم الإمام يستثني صلاة الكسوف فإن السنة فيها التطويل حتى تنجلي الشمس قوله لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء وفي لفظ لمسلم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة وفيهما عن أنس ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بحثنا أن التطويل هو الزيادة على القراءة المسنونة فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه وكانت قراءته هي المسنونة فلا بد من كون ما نهى عنه غير ما كان دأبه إلا لضرورة وقراءة معاذ لما قال له صلى الله عليه وسلم ما قال كانت بالبقرة على ما في مسلم أن معاذ افتتح سورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف وقوله صلى الله عليه وسلم له إذا أممت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى واقرأ باسم ربك والليل إذا يغشى لانها كانت العشاء لأنها المورد في الصحيحين صلى معاذ رضي الله عنه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى وحده فأخبر معاذ عنه فقال إنه منافق فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له الحديث ووقع عند أبي داود أنها كانت المغرب ووقع في مسند أحمد أن السورة كانت اقتربت الساعة قال النووي فيجمع بأنهما قصتان لشخصين فإن الرجل قيل فيه حزم وقيل حازم وقيل حزام وقيل سليم وقد يقال إن معاذا لم يكن ليفعله بعد نهيه صلى الله عليه وسلم إياه مرة لتصير له قصتان ورد البيهقي رواية المغرب قال روايات العشاء أصح ثم معلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد العموم إذ نعلم أنه لم يرد التسوية بين سائر الصلوات في القراءة حتى تكون المغرب كالفجر فتحمل على العشاء وإن قوم معاذ كان العذر متحققا فيهم لا كسل منهم فأمر فيهم بذلك لذلك كما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في الفجر فلما فرغ قالوا له أوجزت قال سمعت بكاء صبي فخشيت أن تفتن أمه وعلى هذا لا حاجة إلى التخصيص بالمورد بل هو على العموم فيما التطويل فيه سنة قوله لأنها لا تخلو الخ صريح في أن ترك التقدم لإمام الرجال محرم وكذا صرح الشارح وسماه في الكافي مكروها وهو الحق أي كراهة تحريم لأن مقتضى المواظبة على التقدم منه صلى الله عليه وسلم بلا ترك الوجوب فلعدمه كراهة التحريم فاسم المحرم مجاز واستلزم ما ذكر أن جماعة النساء تكره كراهة تحريم لأن ملزوم متعلق الحكم أعني الفعل المعين ملزوم لذلك الحكم ثم شبهها بجماعة العراة فاقتضى أنها أيضا تكره كذلك لاتحاد اللازم وهو أحد الأمور إما ترك واجب التقدم وإما زيادة الكشف الذي هو أفحش من كشف المرأة إذا تقدمت وهي لابسة ثوبا محشوا من قرنها إلى قدمها فإن الكراهة ثابتة في حقها أيضا ولا كشف عورة فكيف بالعاري المتعرض للنظر أو زيادة كشف عورة يقدر على ستر بعضها ثم ثبوت كراهة تقدمها وهي بهذا الستر المذكور إنما يتم الإستدلال عليه بفعل عائشة فقط لما أتت فإنها ما تركت واجب التقدم إلا لأمر هو أوجب منه والله أعلم ما هو ألذلك القدر من الإنكشاف الملازم لشخوصها عنهن أو هو لنفس شخوصها عنهن شبيهة بالرجال أو لغير ذلك واعلم أن جماعتهن لا تكره في صلاة الجنازة لأنها فريضة وترك التقدم مكروه فدار الأمر بين فعل المكروه بفعل الفرض أو ترك الفرض لتركه فوجب الأول بخلاف جماعتهن في غيرها ولو صلين فرادى فقد تسبق إحداهن فتكون صلاة الباقيات نفلا والتنفل بها مكروه فيكون فراغ تلك موجبا لفساد الفرضية للصلاة الباقيات كتقييد الخامسة بالسجدة لمن ترك القعدة الأخيرة قوله فإن فعلن قامت الإمام وسطهن لأن ترك التقدم أسهل من زيادة الكشف ولا بد من أحدهما ولو تقدمت صح ومقتضى ما علم من التقرير أن تأثم به قوله وحمل فعلها على ابتداء الإسلام وهكذا في المبسوط قال السروجي فيه بعد فإنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة كما رواه البخاري ومسلم ثم تزوج عائشة رضي الله عنها وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين وبقيت عنده تسع سنين وما تؤم إلا بعد بلوغها فأين ذلك من ابتداء الإسلام لكن يمكن أن يقال إنه منسوخ فعلته حين كان النساء يحضرن الجماعة انتهى وفي نقل التزوج بها بعض خلل يعني يحمل قوله ابتداء الإسلام على أنه منسوخ لكن ما في المستدرك أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء فتقوم وسطهن وما في كتاب الآثار لمحمد أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عائشة رضي الله عنها كانت تؤم النساء في شهر رمضان فتقوم وسط ومعلوم أن جماعة التراويح إنما استقرت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وما في أبي داود عن أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث بن عمير الأنصارية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرا قالت له يا رسول الله ائذن لي في الغزاة معك أمرض مرضاكم ثم لعل الله يرزقني شهادة قال قرىء في بيتك فإن الله يرزقك الشهادة قال فكانت تسمى الشهيدة وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذنا يؤذن لها قال وكانت دبرت غلاما لها وجارية فقاما إليها بالليل فغماها بقطيفة لها حتى ماتت وذهبا فأصبح عمر فقام في الناس فقال من عنده من هذين علم أو من رآهما فليجيء بهما فأمر بهما فصلبا فكانا أول مصلوب بالمدينة
ثم أخرجه عن الوليد بن جميع عن عبدالرحمن بن خلاد عنها وفيه وكان صلى الله عليه وسلم يزورها وجعل لها مؤذنا وأمرها أن تؤم أهل دارها
قال عبدالرحمن فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا كلها ينفي ثبوت النسخ
وفي الحديث الأخير الوليد بن جميع وعبدالرحمن بن خالد الأنصاري قال فيهما ابن القطان لا يعرف حالهما انتهى وقد ذكرهما ابن حبان في الثقات وقد يجاب بجواز كونه إخبارا عن مواظبة كانت قبل النسخ
صفحة ٣٥٤