خص هذا الركن بفصل دون سائر الأركان لكثرة ما يتعلق به من الأحكام وفي النوازل رجل افتتح الصلاة فنام فقرأ وهو نائم يجوز عن القراءة لأن الشرع جعل النائم كالمنتبه تعظيما لأمر المصلي بالحديث وبه فارق الطلاق ألا يرى أن المجنون والصبي لو صليا كانت صلاتهما جائزة ولو طلقا لم يجز قال المصنف في التجنيس والمختار أنه لا يجوز لأن الإختيار شرط أداء العبادة ولم يوجد انتهى والأوجه اختيار الفقيه والإختيار المشروط قد وجد في ابتداء الصلاة وهو كاف ألا يرى لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول أنه يجزئه ومما يتعلق به المسئلة الكثيرة الشعب مسئلة زلة القارىء ولم يذكرها المصنف مع أنها مهمة جدا فلنوردها وخطأ القارىء إما في الإعراب أو في الحروف أو في الكلمات أو الآيات وفي الحروف إما بوضع حرف مكان آخر أو تقديمه أو تأخيره أو زيادته أو نقصه أما الإعراب فإن لم يغير المعنى لا تفسد لأن تغييره خطأ لا يستطاع الإحتراز عنه فيعذر وإن غير فاحشا مما اعتقاده كفر مثل البارىء المصور بفتح الواو وإنما يخشى الله من عباده العلماء برفع الجلالة ونصب العلماء فسدت في قول المتقدمين واختلف المتأخرون فقال ابن مقاتل ومحمد بن سلام وأبو بكر بن سعيد البلخي والهندواني وابن الفضل والحلواني لا تفسد وما قاله المتقدمون أحوط لأنه لو تعمد يكون كفرا وما يكون كفرا لا يكون من القرآن فيكون متكلما بكلام الناس الكفار غلطا وهو مفسد كما لو تكلم بكلام الناس ساهيا مما ليس بكفر فكيف وهو كفر وقول المتأخرين أوسع لأن الناس لا يميزون بين وجوه الإعرابي وهو على قول أبي يوسف ظاهر لأنه لا يعتبر الإعراب عرف ذلك في مسائل ويتصل بهذا تخفيف المشدد عامة المشايخ على أن ترك المد والتشديد كالخطأ في الإعراب فلذا قال كثير بالفساد في تخفيف رب العالمين وإياك نعبد لأن معنى إيا مخففا الشمس والأصح لا تفسد وهو لغة قليلة في إيا المشددة نقله بعض متأخرى النحاة وعلى قول المتأخرين لا يحتاج إلى هذا وبناء على هذا أفسدوها بمد همزة أكبر على ما تقدم وأما الحروف فإذا وضع حرفا مكان غيره فإما خطأ وإما عجزا فالأول إن لم يغير المعنى ومثله في القرآن نحو إن المسلمون لا تفسد وإن لم يغير وليس مثله في القرآن نحو قيامين بالقسط والتيابين والحي القيام عندهما لا تفسد وعند أبي يوسف تفسد وإن غير فسدت عندهما وعند أبي يوسف إن لم يكن مثله في القرآن فلو قرأ أصحاب الشعير بشين معجمة فسدت اتفاقا فالعبرة في عدم الفساد عدم تغير المعنى وعند أبي يوسف وجود المثل في القرآن فلا يعتبر على هذا ما ذكر أبو منصور العراقي من عسر الفصل بين الحرفين وعدمه في عدم الفساد وثبوته ولا قرب المخارج وعدمه كما قال ابن مقاتل وحاصل هذا إن كان الفصل بلا مشقة كالطاء مع الصاد فقرأ الطالحات مكان الصالحات تفسد وإن كان بمشقة كالظاء مع الضاد والصاد مع السين والطاء مع التاء قيل تفسد وأكثرهم لا تفسد هذا على رأي هؤلاء المشايخ ثم لم تنضبط فروعهم فأورد في الخلاصة ما ظاهره التنافي للمتأمل فالأولى قول المتقدمين والثاني وهو الإقامة عجزا كالحمد لله الرحمن الرحيم بالهاء فيها أعوذ بالمهملة الصمد بالسين إن كان يجهد الليل والنهار في تصحيحه ولا يقدر فصلاته جائزة ولو ترك جهده ففاسدة ولا يسعه أن يترك في باقي عمره وأما الألثغ الذي يقرأ بسم الله بالمثلثة أو مكان اللام الياء ونحوه لا يطاوعه لسانه لغيره فقيل إن بدل الكلام فسدت أو قرأ خارج الصلاة لا يؤجر فإن أمكنه أن يتخذ آيات ليس فيها تلك الحروف بفعل وإلا يسكت وعلى قياس الأول إن بذل جهده لا تفسد وبه أخذ كذا في الخلاصة وإن لم يبذل إن أمكنه آيات ليس فيها تلك الحروف يتخذها إلا الفاتحة ولا ينبغي لغيره الإقتداء به وكذا الفأفاء الذي لا يقدر على إخراج الكلمة إلا بتكرير الفاء والتمتام الذي لا يقدر على إخراجها إلا بعد أن يديرها في صدره كثيرا وكذا من لا يقدر على إخراج حرف من الحروف ثم الألثغ إذا وجد آيات ليس فيها تلك الحروف فقرأ ما هي فيه فيها فالأكثر على أنه لا تجوز صلاته فإن لم يجب جازت وهل يجوز بلا قراءة اختلف المشايخ فيه وينبغي أن يكون الخلاف فيما إذا قرأ بما فيها مع وجود ما ليس فيها فيما إذا لم يبدل أما إذا بدل فينبغي عدمه في الفساد لأنه تبديل للمعنى من غير ضرورة وكذا في الجواز بغير قراءة ينبغي أن يكون محله عدم الوجود مع العجز أما معه فينبغي عدمه في الفساد لأنه تبديل للمعنى من غير ضرورة وأما التقديم والتأخير فإن غير نحو قوسرة في قسورة فسدت وإن لم يغير لا تفسد عند محمد خلافا لأبي يوسف وأما الزيادة ومنه فك المدغم وإن لم يغير نحو وإنها عن المنكر بالألف وراددوه إليك لا تفسد عند عامة المشايخ وعن أبي يوسف روايتان وإن غير نحو زرابيب مكان زرابي والقرآن الحكيم وإنك لمن المرسلين وإن سعيكم لشتى بالواو تفسد وكذا النقصان إن لم يغير لا تفسد نحو جاءهم مكان جاءتهم وإن غير فسد نحو والنهار إذا تجلى ما خلق الذكر والأنثى بلا واو وأما لو كان حذف الحرف من كلمة ففي فتاوى قاضيخان إن كان حذف حرفا أصليا من كلمة وتغير المعنى تفسد في قول أبي حنيفة ومحمد نحو رزقناهم بلا راء أو زاي أو خلقنا بغير خاء أو جعلنا بلا جيم ثم ذكر من المثل نحو ما خلق الذكر والأنثى وقال قالوا على قياس قول أبي يوسف لا تفسد لأن المقروء في القرآن قال ولو كانت الكلمة ثلاثية فحذف حرفا من أولها أو أوسطها نحو ربيا أو عريا في عربيا تفسد إما لتغير المعنى أو لأنه يصير لغوا ولذا حذف باء ضرب الله فإن كان ترخيما لا تفسد وشرطه النداء والعلمية وأن يكون رباعيا أوخماسيا نحو وقالوا يا مال في مالك وأما الكلمة مكان الكلمة فإن تقاربا معنى ومثله في القرآن كالحكيم مكان العليم لم تفسد اتفاقا وإن لم يوجد المثل كالفاجر مكان الأثيم وأياه مكان أواه فكذلك عندهما وعن أبي يوسف روايتان فلو لم يتقاربا ولا مثل له فسد اتفاقا إذا لم يكن ذكرا وإن كان في القرآن وهو مما اعتقاده كفر كغافلين في إنا كنا فاعلين فعامة المشايخ على أنه تفسد اتفاقا
صفحة ٣٢٤