فروع يجوز السجود على الحشيش والتبن والقطن والطنفسة إن وجد حجم الأرض وكذا الثلج الملبد فإن كان بحال يغيب فيه وجهه ولا يجد الحجم لا وعلى العجلة على الأرض تجوز كالسرير لا إن كانت على البقر كالبساط المشدود بين الأشجار وعلى العرزال والحنطة والشعير يجوز لا على الدخن والأرز لعدم الإستقرار وعلى ظهر مصل صلاته للضرورة لا من هو في غيرها أو ليس في الصلاة لعدم الضرورة فلو ارتفع موضع السجود عن موضع القدمين قدر لبنة أو لبنتين منصوبتين جاز لا إن زاد قوله سنة عندنا بناء على أن لفظ أمرت مستعمل فيما هو أعم من الندب والوجوب وهو معنى طلب مني ذلك ثم هو في الجبهة وجوب وفي غيرها معها ندب أو في الندب بخصوصه بناء على أن السنة السجود على الجبهة هذا على قول الشافعية القائلين بأن قول الراوي أمرنا ونهينا يحمل على الندب والكراهة بناء على أن الأول حقيقة في كل منه ومن الوجوب والثاني فيه وفي التحريم فيحمل على المتيقن بخلاف صيغتي الأمر والنهي بعينهما فإنهما للوجوب والتحريم فقط وأما على قولنا فلا إذ قد استدل أصحابنا على التحريم بلفظ نهى نحو نهى عن السلم في الحيوان بناء على أنه إخبار عن تحقق صيغة النهي وحقيقتها التحريم اتفاقا فيثبت التحريم بالمخبر عنه أعني الصيغة لا بنفس لفظ نهي وأمر فيحتاج إلى صارف عن الوجوب وليس يظهر إلا ظهور أن المراد السجود وهو يحصل بدون ذلك وبهذه الكيفية غير أنه بهذه الكيفية أزين فيكون سنة ولقائل أن يقول هذا محتمل في الصرف إذ يجوز أن يطلب ما هو زينة السجود حتما فلا يعدل عن الوجوب نعم لا يكون فرضا كيف والظاهر المواظبة منه عليه الصلاة والسلام عليه هذا ومختار الفقيه أبي الليث على ما أسلفناه عنه في أوائل باب الأنجاس من أن المصلي إذا لم يضع ركبتيه على الأرض لا يجزئه وأنه رد رواية عدم وجوب طهارة مكان الركبتين في الصلاة فهو يشير إلى الإفتراض وما اخترته من الوجوب ولزوم الإسم بالترك مع الإجزاء كترك الفاتحة أعدل إن شاء الله تعالى وأما افتراض وضع القدم فلأن السجود مع رفعهما بالتلاعب أشبه منه بالتعظيم والإجلال ويكفيه وضع أصبع واحدة وفي الوجيز وضع القدمين فرض فإن وضع إحداهما دون الأخرى جاز ويكره قوله فإن سجد على كور عمامته روى أبو نعيم من حديث ابن عباس في الحلية في ترجمة إبراهيم بن أدهم حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الزبيري حدثنا أبو الحسن عبدالله بن موسى الحافظ الصوفي البغدادي حدثنا لاحق حدثنا الحسن بن علي الدمشقي حدثنا محمد بن فيروز المصري حدثنا بقيت بن الوليد حدثنا إبراهيم بن أدهم عن أبيه أدهم بن منصور العجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور عمامته ورواه الطبراني في الأوسط بسنده عن عبدالله بن أبي أوفى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على كور عمامته ورواه ابن عدي في الكامل من حديث عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عبدالرحمن بن سابط عن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على كور العمامة وقد ضعف عمرو بن شمر وجابر الجعفي كذاب ورواه الحافظ أبو القاسم تمام بن محمد الرازي في فوائده حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبدالرحمن أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدالرحمن بن أبي حصين الأنطرسوسي حدثنا كيد بن عبيد حدثنا سويد بن عبدالعزيز بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور العمامة وأخرجه البيهقي في سننه عن هشام عن الحسن قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على عمامته وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال وقال الحسن كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كميه وروى ابن أبي شيبة حدثنا شريك عن حسين بن عبدالله عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها ورواه أحمد وإسحق بن راهويه وأبو يعلى والطبراني وابن عدي في الكامل وأعله حسين بن عبدالله وضعفه عن ابن معين والنسائي والمديني قال وهو عندي ممن يكتب حديثه فإني لم أجد له حديثا منكرا وهو حسين بن عبدالله بن عبيدالله بن العباس بن عبدالمطلب وبمعناه ما أخرجه الستة عن أنس كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه والإتفاق على أن الحائل ليس بمانع من السجود ولم يزد ما نحن فيه إلا بكونه متصلا به ويمنع تأثير ذلك في الفساد لو تجرد عن المنقولات فكيف وفيه ما سمعت وإن تكلم في بعضها كفى البعض الآخر ولو تم تضعيف كلها كانت حسنة لتعدد الطرق وكثرتهما وقد روى من غير الوجوه التي ذكرناها أيضا ويكفي ما نقله الحسن البصري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه يقوى ظن صحة المرفوعات إذ ليس معنى الضعيف الباطل في نفس الأمر بل ما لم يثبت بالشروط المعتبرة عند أهل الحديث مع تجويز كونه صحيحا في نفس الأمر فيجوز أن تقترن قرينة تحقق ذلك وإن الراوي الضعيف أجاد في هذا المتن المعين فيحكم به مع أن اعتبار التبعية في الحائل يقتضي عدم اعتباره حائلا فيصير كأنه سجد بلا حائل ولا يجوز مس المصحف بكمه كما لا يجوز بكفه ولو بسط كمه على نجاسة فسجد عليه لا يجوز في الأصح وإن كان المرغيناني صحح الجواز فليس بشيء هذا وما ذكر في التجنيس من علامة الميم أنه يكره السجود على كور العمامة لما فيه من ترك التعظيم لا يراد به أصل التعظيم وإلا لم يصح بل نهايته وهذا لأن الركن فعل وضع للتعظيم ولأن المشاهد من وضع الرجل الجبهة في العمامة على الأرض ناكسا لغيره عده تعظيما أي تعظيم هذا في الحائل التابع أما الحائل الذي هو بعضه فقد اختلفوا فيه فلو سجد على كفيه وهي على الأرض قيل لا يجوز وصحح الجواز أو على فخذه قيل لا يجوز ولو بعذر وقيل يجوز بلا عذر وليس بشيء يلتفت إليه بل لا يحل عندي نقله كي لا يشتهر وصحح الجواز بعذر لا بدونه وعلى ركبتيه لا يجوز في الوجهين ولم نعلم فيه خلافا لكن إن كان بعذر كفاه باعتبار ما في ضمنه من الإيماء وكان عدم الخلاف فيه لكون السجود يقع على حرف الركبة وهو لا يأخذ قدر الواجب من الجبهة في التجنيس لو سجد على حجر صغير إن كان أكثر الجبهة على الأرض يجوز وإلا فلا والذي ينبغي ترجيح الفساد على الكف والفخذ قوله وأبد ضبعيك غريب وإنما رواه عبدالرزاق عن ابن عمر قال أخبرنا سفيان الثوري عن آدم بن علي البكري قال رآني ابن عمر وأنا أصلي لا أتجافى عن الأرض بذراعي فقال يا ابن أخي لا تبسط بسط السبع وادعم على راحتيك وأبد ضبعيك فإنك إذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك ورفعه ابن حبان بلفظ وجاف عن ضبعيك قوله إذا سجد جافى أخرجه مسلم كان إذا سجد جافى حتى لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت ورواه الحاكم والطبراني وقالا فيه بهيمة وعلى الباء ضمة بخط بعض الحفاظ على تصغير بهمة قيل وهو الصواب وفتحها خطأ قوله لقوله صلى الله عليه وسلم إذا سجد الخ المحفوظ رواية ذلك من فعله وقد تقدم في بعض ما أسلفناه وفي البخاري في حديث أبي حميد كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة قوله لأنه صلى الله عليه وسلم كان يختم بالوتر غريب والله سبحانه وتعالى أعلم قوله فلا يزاد على النص عدم الزيادة لا يستلزم القول بالسنية لجواز الوجوب والمواظبة والأمر من قوله فليقل اجعلوها يقتضيه إلا لصارف بخلاف قول أبي مطيع بافتراضها فإنه مشكل جدا وقيل في الصارف إنه عدم ذكرها للأعرابي عند تعليمه فيكون أمر استحباب قالوا ويكره تركها ونقصها من الثلاث والتصريح بأنه أمر استحباب يفيد أن هذه الكراهة كراهة تنزيه قوله لما روينا أي من أنه كان يكبر عند كل خفض ورفع قوله والأصح روى عن أبي حنيفة إن كان إلى القعود أقرب جاز وإلا فلا وعنه إذا رفع قدر ما تمر الريح بينه وبين الأرض جاز وروى أبو يوسف عنه إن رفع قدر ما يسمى رافعا جاز قال في المحيط هو الأصح وتعليل المصنف مختاره بأنه يعد يقتضي اعتباره أن تلك الرواية هي رواية أبي يوسف في المعنى واختيارها اختيارها وقال ابن مقاتل إذا رفع بحيث لا يشكل على الناظر أنه رفع جاز فإن أراد الناظر عن بعد فهو معنى مختار المصنف وإلا فهو معنى الرواية الثانية ثم اعتقادي أنه إذا لم يستو صلبه في الجلسة والقومة فهو آثم لما تقدم قوله ولا يعتمد بيديه على الأرض ولكن على ركبتيه قوله فعل ذلك في البخاري عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا قوله ولنا حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي عن خالد بن إياس عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه قال الترمذي حديث أبي هريرة عليه العمل عند أهل العلم وخالد بن إياس ويقال ابن إياس ضعيف عند أهل الحديث وكذا أعله ابن عدي به قال وهو مع ضعفه يكتب حديثه قال ابن القطان والذي أعل به خالد موجود في صالح وهو الإختلاط فلا معنى للتخصيص انتهى بالمعنى وقول الترمذي العمل عليه عند أهل العلم يقتضي قوة أصله وإن ضعف خصوص هذا الطريق وهو كذلك أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان ينهض في الصلاة على صدور قدميه ولم يجلس وأخرج نحوه عن علي وكذا عن ابن عمر وابن الزبير وكذا عن عمر وأخرج عن الشعبي قال كان عمر وعلي وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهضون في الصلاة على صدور أقدامهم وأخرج عن النعمان بن أبي عياش أدركت غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا رفع أحدهم رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة نهض كما هو ولم يجلس وأخرجه عبدالرزاق عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وأخرجه البيهقي عن عبدالرحمن بن يزيد أنه رأى ابن مسعود فذكر معناه فقد اتفق أكابر الصحابة الذين كانوا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشد اقتفاء لأثره وألزم لصحبته من مالك بن الحويرث رضي الله عنه على خلاف ما قال فوجب تقديمه ولذا كان العمل عليه عند أهل العلم كما سمعته من قول الترمذي وعن ابن عمر أنه نهى صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة رواه أبو داود وفي حديث وائل أنه صلى الله عليه وسلم إذا نهض اعتمد على فخذيه والتوفيق أولى فيحمل ما رواه على حالة الكبر ولذا روى أنه صلى الله عليه وسلم قال لا تبادروني في ركوع ولا سجود فإن مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني إذا سجدت إني قد بدنت أخرجه أبو داود هذا ويكره تقديم إحدى الرجلين عند النهوض ويستحب الهبوط باليمين والنهوض بالشمال قوله لقوله صلى الله عليه وسلم غريب بهذا اللفظ وقد روى الطبراني بسنده عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن حين يفتتح الصلاة وحين يدخل المسجد الحرام فينظر إلى البيت وحين يقوم على المروة وحين يقف مع الناس عشية عرفة وبجمع والمقامين حين يرمي الجمرة وذكره البخاري معلقا في كتابه المفرد في رفع اليدين فقال وقال وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن في افتتاح الصلاة وفي استقبال الكعبة وعلى الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وفي المقامين وعند الجمرتين وقال قال شعبة لم يسمع الحكم عن مقسم إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها فهو مرسل وغير محفوظ قال وأيضا فهم يعني أصحابنا خالفوا هذا الحديث في تكبيرات العيدين وتكبيرة القنوت انتهى وقال في الإمام اعترض عليه بوجوه تفرد ابن أبي ليلى وترك الإحتجاج به ورواه وكيع عنه بالوقف على ابن عباس وابن عمر قال الحاكم ووكيع أثبت من كل من روى هذا عن ابن أبي ليلى وبرواية جماعة من التابعين بأسانيد صحيحة عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما أنهما كانا يرفعان أيديهما عند الركوع وبعد رفع الرأس منه وقد أسنداه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبأنه روى عن الحكم قال في جميع الروايات ترفع الأيدي وليس في شيء منها لا ترفع إلا فيها ويستحيل أن يكون لا ترفع إلا فيها صحيحا وقد تواترت الأخبار بالرفع في غيرها كثيرا فمنها الإستسقاء ودعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حاصله وأحسنها أن الحصر غير مراد لما ذكر من ثبوت الرفع في غير المذكورة فإذا ثبت عند الركوع والرفع منه وجب القول به وقد ثبت وهو ما أخرجه الستة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عبدالله بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم كبر فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود وجوابه المعارضة بما في أبي داود والترمذي عن وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن عبدالرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال عبدالله بن مسعود ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ولم يرفع يديه إلا في أول مرة وفي لفظ فكان يرفع يديه في أول مرة ثم لا يعود قال الترمذي حديث حسن وأخرجه النسائي عن ابن المبارك عن سفيان الخ وما نقل عن ابن المبارك أنه قال لم يثبت عندي حديث ابن مسعود فغير ضائر بعد ما ثبت بالطريق التي ذكرنا والقدح في عاصم بن كليب غير مقبول فقد وثقه ابن معين وأخرج له مسلم حديثه في الهدى وغيره عن علي وفي عبدالرحمن بأنه لم يسمع من علقمة باطل لأنه عن رجل مجهول وقد ذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال مات سنة تسع وتسعين وسنه سن إبراهيم النخعي وما المانع حينئذ من سماعه من علقمة والإتفاق على سماع النخعي منه وصرح الخطيب في كتاب المتفق والمفترق في ترجمة عبدالرحمن هذا أنه سمع أباه وعلقمة وما قيل إن الحديث صحيح وإنما المنكر فيه على وكيع زيادة ثم لا يعود نقل عن الدارقطني ومحمد بن نصر المروزي وابن القطان فإنما هو ظن ظنوه ولذا نسب غير هؤلاء الوهم إلى سفيان الثوري كالبخاري في كتابه في رفع اليدين وقال ابن أبي حاتم إنه سأل أباه عنه فقال هذا خطأ يقال وهم فيه الثوري فعرفنا أنه لما روى من طرق بدون هذه الزيادة ظنوها خطأ واختلفوا في الغالط وغاية الأمر أن الأصل رواه مرة بتمامه ومرة بعضه بحسب تعلق الغرض وبالجملة فزيادة العدل الضابط مقبولة خصوصا وقد توبع عليها فوراه ابن المبارك فيما قدمناه من رواية النسائي وأخرج الدارقطني وابن عدي عن محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يرفعوا أيديهم إلا عند استفتاح الصلاة واعترف الدارقطني بتصويب إرسال إبراهيم إياه عن ابن مسعود وتضعيف ابن جابر وقول الحاكم فيه أحسن ما قيل فيه إنه يسرق الحديث من كل من يذاكره فممنوع قال الشيخ في الإمام العلم بهذه الكلية متعذر وأحسن من ذلك قول ابن عدي كان إسحاق بن أبي إسرائيل يفضل محمد بن جابر على جماعة هم أفضل منه وأوثق وقد روى عنه من الكبار أيوب وابن عوف وهشام بن حسان والثوري وشعبة وابن عيينة وغيرهم ولولا أنه في المحل الرفيع لم يرو عنه هؤلاء ومما يؤيد صحة هذه الزيادة رواية أبي حنيفة من غير الطريق المذكور وذلك أنه اجتمع مع الأوزاعي بمكة في دار الحناطين كما حكى ابن عيينة فقال الأوزاعي ما بالكم لا ترفعون عند الركوع والرفع منه فقال لأجل أنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيء فقال الأوزاعي كيف لم يصح وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه فقال أبو حنيفة حدثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه إلاعند افتتاح الصلاة ثم لا يعود لشيء من ذلك فقال الأوزاعي أحدثك عن الزهري عن سالم عن أبيه وتقول حدثني حماد عن إبراهيم فقال أبو حنيفة كان حماد أفقه من الزهري وكان إبراهيم أفقه من سالم وعلقمة ليس بدون من ابن عمر في الفقه وإن كانت لابن عمر صحبة وله فضل صحبة فالأسود له فضل كثير وعبدالله عبدالله فرجح بفقه الرواة كما رجح الأوزاعي بعلو الإسناد وهو المذهب المنصور عندنا وروى الطحاوي ثم البيهقي من حديث الحسن بن عياش بسند صحيح عن الأسود قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود قال ورأيت إبراهيم والشعبي يفعلان ذلك وعارضه الحاكم برواية طاوس بن كيسان عن ابن عمر رضي الله عنهما كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه وروى الطحاوي عن أبي بكر النهشلي عن عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا رضي الله عنه رفع يديه في أول التكبير ثم لم يعد وما في الترمذي عن علي رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من الصلاة وهو قاعد وإذا قام من السجدتين رفع كذلك صححه الترمذي فمحمول على النسخ للإتفاق على نسخ الرفع عند السجود واعلم أن الآثار عن الصحابة والطرق عنه صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا والكلام فيها واسع من جهة الطحاوي وغيره والقدر المتحقق بعد ذلك كله ثبوت رواية كل من الأمرين عنه صلى الله عليه وسلم الرفع عند الركوع وعدمه فيحتاج إلى الترجيح لقيام التعارض ويترجح ما صرنا إليه بأنه قد علم بأنه كانت أقوال مباحة في الصلاة أفعال من جنس هذا الرفع وقد علم نسخها فلا يبعد أن يكون هو أيضا مشمولا بالنسخ خصوصا وقد ثبت ما يعارضه ثبوتا لا مرد له بخلاف عدمه فإنه لا يتطرق إليه احتمال عدم الشرعية لأنه ليس من جنس ما عهد فيه ذلك بل من جنس السكون الذي هو طريق ما أجمع على طلبه في الصلاة أعني الخشوع وكذا بأفضلية الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قاله أبو حنيفة للأوزاعي وروى أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال ذكر عنده وائل بن حجر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند الركوع وعند السجود فقال أعرابي لم يصل مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة أرى قبلها قط أفهو أعلم من عبدالله وأصحابه حفظ ولم يحفظوا وفي رواية وقد حدثني من لا أحصى عن عبدالله أنه رفع يديه في بدء الصلاة فقط وحكاه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعبدالله عالم بشرائع الإسلام وحدوده متفقد لأحوال النبي صلى الله عليه وسلم ملازم له في إقامته وأسفاره وقد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يحصى فيكون الأخذ به عند التعارض أولى من إفراد مقابله ومن القول بسنية كل من الأمرين والله سبحانه وتعالى أعلم قوله هكذا روت عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير إلى أن قالت وكان يفترش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وفي النسائي عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال من سنة الصلاة أن ينصب قدمه اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة والجلوس على اليسرى قوله روى ذلك في حديث وائل غريب والذي في الترمذي من حديث وائل قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جلس يعني للتشهد افترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ونصب رجله اليمنى من غير زيادة على ذلك وفي مسلم كان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ولا شك أن وضع الكف مع قبض الأصابع لا يتحقق فالمراد والله أعلم وضع الكف ثم قبض الأصابع بعد ذلك عند الإشارة وهو المروي عن محمد في كيفية الإشارة قال يقبض خنصره والتي تليها ويحلق الوسطى والإبهام ويقيم المسبحة وكذا عن أبي يوسف رحمه الله في الأمالي وهذا فرع تصحيح الإشارة وعن كثير من المشايخ لا يشير أصلا وهو خلاف الدراية والرواية فعن محمد أن ما ذكرناه في كيفية الإشارة مما نقلناه قول أبي حنيفة رضي الله عنه ويكره أن يشير بمسبحتيه وعن الحلواني يقيم الأصبع عند لا إله ويضعها عند إلا الله ليكون الرفع للنفي والوضع للإثبات وينبغي أن يكون أطراف الأصابع على حرف الركبة لا مباعدة عنها قوله لأن فيه الأمر الخ روى الستة واللفظ لمسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفى بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن فقال إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله والصلوات الخ وفي لفظ للنسائي إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا فهذا هوالأمر المعروف رواية قوله والألف واللام هي في رواية مسلم وأبي داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواية الترمذي والنسائي عنه بالتنكير وأصحاب الشافعي في العمل على هذه الرواية فصح الترجيح على ما ذهبوا إليه وأما زيادة الواو فليست في تشهد ابن عباس في جميع الروايات قوله وتأكيد التعليم يعني به أخذه بيده لزيادة التوكيد ليس في تشهد ابن عباس أما نفس التعليم ففي تشهد ابن عباس رضي الله عنه فإن لفظه كان صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول التحيات لله فقول الزيلعي في التخريج وأما التعليم أيضا فهو في تشهد ابن عباس دفعا لهذا الوجه من الترجيح ليس بوارد ومن وجوه الترجيح أيضا أن الأئمة الستة اتفقوا عليه لفظا ومعنى وهو نادر وتشهد ابن عباس رضي الله عنه معدود في أفراد مسلم وإن رواه غير البخاري من الستة وأعلى درجات الصحيح عندهم ما اتفق عليه الشيخان ولو في أصله فكيف إذا اتفقا على لفظه ولذا أجمع العلماء على أنه أصح حديث في الباب قال الترمذي أصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد حديث ابن مسعود والعمل عليه عند أكثر الصحابة والتابعين ثم أخرج عن خصيف قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت له إن الناس قد اختلفوا في التشهد فقال عليك بتشهد ابن مسعود وكقول الترمذي قال الخطابي وابن المنذر وممن وافق ابن مسعود على رفعه معاوية أخرج الطبراني عنه كان يعلم الناس التشهد وهو على المنبر عنه صلى الله عليه وسلم التحيات لله والصلوات الخ سواء وعائشة في سنن البيهقي عنها قالت هذا تشهد النبي صلى الله عليه وسلم التحيات لله والصلوات الخ قال النووي إسناده جيد واستفدنا منه أن تشهده صلى الله عليه وسلم بلفظ تشهدنا وسلمان روى الطبراني والبزار عن أبي راشد قال سألت سلمان عن التشهد فقال أعلمكم كما علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم التحيات لله والصلوات الخ سواء قال أبو حنيفة رضي الله عنه أخذ حماد بن سليمان بيدي وعلمني التشهد وقال حماد أخذ إبراهيم بيدي وعلمني التشهد وقال إبراهيم أخذ علقمة بيدي وعلمني التشهد وقال علقمة أخذ عبدالله بن مسعود بيدي وعلمني التشهد وقال عبدالله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وعلمني التشهد كما يعلمني السورة من القرآن وكان يأخذ علينا بالواو والألف واللام قوله لقول ابن مسعود علمني روى الإمام أحمد عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة وفي آخرها على وركه اليسرى التحيات لله إلى قوله عبده ورسوله قال ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم وأحاديث الدعاء بعد التشهد في آخر الصلاة كثيرة شهيرة في الصحيحين وغيرهما قوله لحديث أبي قتادة في الصحيحين عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الأخريين بفاتحة الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ويطيل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية وهكذا في الصبح وهذا لا يعم الصلوات والذي يعمها ما في مسند إسحاق بن راهوية عن رفاعة بن رافع الأنصاري كان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب قوله هو الصحيح احتراز عن رواية الحسن عن أبي حنيفة أنها واجبة يلزم بتركها السهو قوله ضعفه الطحاوي تقدم في حديث رفع اليدين وتكلم البيهقي معه واختصر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد للطحاوي قوله أو يحمل على حالة الكبر فيكون متعلقا بالعارض لا مشروعا أصليا وهو أولى للجمع بين الحديثين قوله وهو واجب عندنا أي في القعدتين قوله للأمر المتقدم أي في حديث ابن مسعود قوله فيهما أي في التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنهما من الفرائض عنده قوله إذا قلت هذا تقدم أنها مدرجة من ابن مسعود وأن هذا المدرج الموقوف له حكم المرفوع ومع هذا نقول في الجواب قد أوجبنا التشهد فخرجنا عن عهدة الأمر الثابت بخبر الواحد وأما الصلاة في الصلاة فلا دليل يصلح للإيجاب لنقول به قال القاضي عياض وقد شذ الشافعي رحمه الله فقال من لم يصل عليه فصلاته فاسدة ولا سلف له في هذا القول ولا سنة يتبعها وشنع عليه فيه جماعة منهم الطبري والقشيري وخالفه من أهل مذهبه الخطابي وقال لا أعلم له قدوة والتشهدات المرويات عن ابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وجابر وأبي سعيد وأبي موسى وابن الزبير رضي الله عنهم لم يذكر فيها ذلك وما روى عنه عليه الصلاة والسلام لا صلاة لمن لم يصل علي ضعفه أهل الحديث كلهم ولو صح فمعناه كاملة أو لمن لم يصل علي مرة في عمره
صفحة ٣١٧