وعبارة المصنف في التجنيس إذا توضأ في منزله ليصلي الظهر ثم حضر المسجد وافتتح الصلاة بتلك النية فإن لم يشتغل بعمل آخر يكفيه ذلك هكذا قال محمد رحمه الله في الرقيات لأن النية المتقدمة تبعتها إلى وقت الشروع حكما كما في الصوم إذا لم يبدلها بغيرها اه وعن محمد بن سلمة إن كان عند الشروع بحيث لو سئل أية صلاة يصلي يجيب على البديهة من غير تفكر فهي نية تامة ولو احتاج إلى التأمل لا يجوز قلت فقد شرطوا عدم ما ليس من جنس الصلاة لصحة تلك النية مع تصريحهم بأنها صحيحة مع العلم بأنه يتخلل بينها وبين الشروع المشي إلى مقام الصلاة وهو ليس من جنسها فلا بد من كون المراد بما ليس من جنسها ما يدل على الإعراض بخلاف ما لو اشتغل بكلام أو أكل أو نقول عد المشي إليها من أفعالها غير قاطع للنية وفيها أجمع أصحابنا رحمهم الله أن الأفضل أن تكون مقارنة للشروع ولا يكون شارعا بمتأخرة وعن الكرخي يجوز واختلفوا فيه على قوله قيل إلى التعوذ وقيل إلى الركوع وقيل إلى الرفع قوله والشرط أن يعلم قيل ليس العلم نية ولذا لو نوى الكفر غدا كفر في الحال ولو علم الكفر لا يكفر بل هي قصد الفعل وأنت علمت أن المصنف فسرها بالإرادة وإنما أراد الشرط في اعتبارها علمه أي الصلاة هي أي التمييز فحاصل كلامه النية الإرادة للفعل وشرطها التعيين في الفرائض قوله ويحسن ذلك الخ قال بعض الحفاظ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح ولا ضعيف أنه كان يقول عند الإفتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين بل المنقول أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر وهذه بدعة اه وقد يفهم من قوله المصنف لاجتماع عزيمته أنه لا يحسن لغير هذا القصد وهذا لأن الإنسان قد يغلب عليه تفرق خاطره فإذا ذكره بلسانه كان عونا على جمعه ثم رأيته في التجنيس قال والنية بالقلب لأنه عمله والتكلم لا معتبر به ومن اختاره اختاره لتجتمع عزيمته قوله في الصحيح احتراز عن قول جماعة إنه لا يكفيه لأداء السنة لأن السنة وصف زائد على أصل الصلاة كوصف الفرضية فلا يحصل بمطلق نية الصلاة والمحققون على عدم اشتراطها وتحقيق الوجه فيه أن معنى السنية كون النافلة مواظبا عليها من النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفريضة المعينة وقبلها فإذا أوقع المصلي النافلة في ذلك المحل صدق عليه أنه فعل الفعل المسمى سنة فالحاصل أن وصف السنة يحصل بنفس الفعل على الوجه الذي فعله صلى الله عليه وسلم وهو إنما كان يفعل على ما سمعت فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ينوي السنة بل الصلاة لله تعالى فعلم أن وصف السنة ثبت بعد فعله على ذلك الوجه تسمية منا لفعله المخصوص لأنه وصف يتوقف حصوله على نيته وقد حصلت مقاولة في كتابة بعض أشياخ حلب أن الأربع التي تصلى بعد الجمعة ينوى بها آخر ظهر أدركت وقته ولم أؤده بعد في موضع يشك في صحة الجمعة إذا ظهر صحة الجمعة تنوب عن سنة الجمعة وأنكره الآخر واستفتى بعض أشياخ مصر رحمهم الله فأفتى بعدم الإجزاء فقلت هذه الفتوى تتفرع على اشتراط تعيين السنة في النية وما قاله الحلبي بناء على التحقيق فإنه إذا نوى آخر ظهر فقد نوى أصل الصلاة بوصف فإذا انتفي الوصف في الواقع وقلنا على المختار من المذهب إن بطلان الوصف لا يوجب بطلان أصل الصلاة بقي نية أصل الصلاة وبها تتأدى السنة ثم راجعت المفتي المصري وذكرت له هذا فرجع دون توقف هذا الأمر الجائز فأما الإحتياط فأن ينوي في السنة الصلاة متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يخفى تقيد وقوعها عن السنة إذا صحت الجمعة بما إذا لم يكن عليه ظهر فائت قوله كالظهر مثلا أي إذا قرن باليوم وإن خرج الوقت لأن غايته أنه قضاء بنية الأداء أو بالوقت ولم يكن خرج الوقت فإن خرج ونسيه لا يجزئه في الصحيح وفرض الوقت كظهر الوقت إلا في الجمعة فإنها بدل فرض الوقت لا نفسه إلا أن يكون اعتقاده أنها فرض الوقت فإن نوى الظهر لا غير اختلف فيه قيل لا يجزئه لاحتمال فائتة عليه وفي فتاوى العتابي الأصح أنه يجزئه وعلم مما ذكر أن من فاتته الظهر فنوى الظهر والعصر في وقت العصر مثلا لا يصير شارعا في واحدة منهما وفي المنتقى إن كان في الوقت سعة يصير شارعا في الظهر وفي الخلاصة فإن نوى من مكتوبتين فائتتين كانت للأولى منهما انتهى ولو جمع بين فرض ونفل يصير شارعا في الفرض عند أبي يوسف رحمه الله وأبطلها محمد رحمه الله وهذا لا يقتضي عدم اشتراط قطع النية لصحة المنوي بأدنى تأمل لقطعها على الصلاتين جميعا بخلاف ما لو أدرك الإمام قاعدا ولا يعلم أي القعدتين فنوى في اقتدائه أنها إن كانت الأولى اقتديت به أو الأخيرة فلا فإنه لا يصح الإقتداء أصلا لأن النية متردد فيها وكذا لو نوى إن كانت الأولى اقتديت به في الفريضة وإن كانت الثانية ففي التطوع لا يصح اقتداؤه به في الفريضة ولو نوى إن كان في الفريضة اقتديت به أو في التراويح أو سنة كذا اقتديت به صح اقتداؤه به في التراويح لأنه لا تردد في نية أصل الصلاة وهو كاف للسنة كما سنذكر بخلاف ما لو نوى إن كان في العشاء اقتديت به أو في التراويح فلا لا يصح اقتداؤه في واحدة منهما وعلم أيضا أنه لو لم يعرف افتراض الخمس إلا أنه يصليها في أوقاتها لا تجوز وكذا لو اعتقد منها فرضا ونفلا ولا يميز ولم ينو الفرض فيها فإن نوى الفرض في الكل جاز ولو ظن الكل فرضا جاز وإن لم يظن ذلك فكل صلاة صلاها مع الإمام جاز إن نوى صلاة الإمام وكما يحتاج إلى التعيين في الأداء كذلك في القضاء حتى إذا كثرت الفوائت يحتاج إلى ظهر يوم كذا أو أول ظهر أو آخر ظهر عليه وكذا في الباقي لأن ما يلي ذلك المقضي ويصير أولا في نية الأول وآخرا في نية الآخر ولو لم يعين جاز بخلاف ما لو كان عليه قضاء يومين من رمضان فقضى يوما ولم يعين جاز والأولى أن يعين أول يوم وثاني يوم لأن سبب الصلاة متعدد وبه يتعدد المسبب فلا بد من التعيين بخلاف الصوم لأن سببه الشهر ولذا لو كانا من رمضانين وجب التعيين كذا في فتاوى قاضيخان ثم ذكر في كتاب الصوم وحكى فيه اختلاف المشايخ وصحح أنه يجزئه مع عدم التعيين إذا كانا من رمضانين وقد يقال صرحوا بأن كل يوم سبب لوجوب صومه ولذا لم يكتف للكل بنية واحدة فصار اليومان كالظهرين لكنا سنبين ما يرفع هذا الإشكال وللتعيين لو فاتته عصر فصلى أربعا عما عليه وهو يرى أن عليه الظهر لم يجز كما لو صلاها قضاء عما عليه وقد جهله ولذا قال أبو حنيفة رحمه الله فيمن فاتته صلاة واشتبهت عليه أنه يصلي الخمس ليتقين ولو نوى فرضا وشرع فيه ثم نسي فظنه تطوعا فأتمه على أنه تطوع فهو فرض مسقط لأن النية المعتبرة إنما يشترط قرانها بالجزء الأول ومثله إذا شرع بنية التطوع فأتمها على ظن المكتوبة فهي تطوع بخلاف ما لو كبر حين شك ينوي التطوع في الأول أو المكتوبة في الثاني حيث يصير خارجا إلى ما نوى ثانيا لقران النية بالتكبير وستأتي بقية هذه ولا يشترط نية استقبال القبلة وإن نوى مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم فالصحيح أنه لا يجزئه إلا أن ينوي به جهة الكعبة فإن نوى المحراب لا تجوز ثم من يشترط نية الكعبة ينوي العرصة ولا بد قوله ومتابعته الإمام فإن نوى صلاة الإمام لا يجزئه وقيل إذا انتظر تكبير الإمام ثم كبر بعده كان مقتديا وقال شيخ الإسلام إذا أراد التسهيل على نفسه يقول شرعت في صلاة الإمام قال ظهير الدين ينبغي أن يزيد على هذا قوله واقتديت به والأفضل أن ينوي الإقتداء عند افتتاح الإمام فإن نوى حين وقف عالما به بأنه لم يشرع جاز وإن نوى ذلك على ظن أنه شرع ولم يشرع اختلف فيه قيل لا يجوز وإذا صحت النية لا يصح الخروج عما شرع فيه بالتكبير بنية الإستقبال إلا في المسبوق قام إلى القضاء وسيأتي باقي فروعها من بعد إن شاء الله تعالى وفي الظهيرية ينبغي أن لا يعين الإمام عند كثرة الجماعة يعني كي لا يظهر كونه غير المعين فلا يجوز فينبغي أن ينوي القائم في المحراب كائنا من كان ولو لم يخطر بباله أنه زيد أو عمرو جاز اقتداؤه ولو نوى بالإمام القائم وهو يرى أنه زيد وهو عمرو صح اقتداؤه لأن العبرة لما نوى لا لما يرى وهو نوى الإقتداء بالإمام بخلاف ما لو نوى الإقتداء بزيد فإذا هو عمرو لا يجوز لأن العبرة لما نوى ومثله في الصوم ولو نوى قضاء يوم الخميس فإذا عليه غيره لا يجوز ولو نوى قضاء ما عليه من الصوم وهو يظنه يوم الخميس وهو غيره جاز ولو كان يرى شخصه فنوى الإقتداء بهذا الإمام الذي هو زيد فإذا هو خلافه جاز لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية وكذا لو كان آخر الصفوف لا يرى شخصه فنوى الإقتداء بالإمام القائم في المحراب الذي هو زيد فإذا هو غيره جاز أيضا أو مثل ما ذكرنا في الخطأ في تعيين الميت فعند الكثرة ينوي الميت الذي يصلي عليه الإمام قوله لأنه يلزمه فساد الصلاة من جهته الخ لهذا احتيج إلى نية إمامة النساء لصحة اقتدائهن على ما سيأتيك قوله لقوله تعالى قولوا الخ أي يثبت الإفتراض أما لزوم الإكفار بترك التوجه عمدا على قول أبي حنيفة فللزوم الإستهزاء به والإستخفاف إذ ليس حكم الفرض لزوم الكفر بتركه بل بجحده وكذا الصلاة بغير طهارة وكذا في الثوب النجس واختاره القاضي أبو علي السغدي في ترك الطهارة لا في الآخرين للجواز فيهما حالة العذر وبغير طهارة لا يجوز بحال وبه أخذ الصدر الشهيد وإذا حول وجهه لا تفسد صلاته وتفسد بصدره قيل هذا أليق بقولهما أما عنده فلا في الوجهين بناء على أن الإستدبار إذا لم يكن على قصد الرفض لا تفسد مادام في المسجد عنده خلافا لهما حتى لو انصرف عن القبلة على ظن الإتمام فتبين عدمه بنى مادام في المسجد عنده خلافا لهما ولقائل أن يفرق بينهما بعذره هناك وتمرده هنا ولا يفرق في المسائل السابقة إذ لا أثر لعدم الجواز في شيء من الأحوال بل الموجب للإكفار هو الإستهانة وهو ثابت في الكل قوله ففرضه إصابة عينها حتى لو صلى في أماكن في بيته ينبغي أن يصلي بحيث لو أزيلت الجدران يقع استقباله على شطر الكعبة بخلاف الآفاقي كذا في الكافي وفي الدراية من كان بينه وبين الكعبة حائل الأصح أنه كالغائب ولو كان الحائل أصليا كالجبل كان له أن يجتهد والأولى أن يصعده ليصل إلى اليقين وفي النظم الكعبة قبلة من بالمسجد والمسجد قبلة من بمكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة العالم قال المصنف في التجنيس هذا يشير إلى أن من كان بمعاينة الكعبة فالشرط إصابة عينها ومن لم يكن بمعاينتها فالشرط إصابة جهتها وهو المختار انتهى قال الشيخ عبدالعزيز البخاري هذا على التقريب وإلا فالتحقيق أن الكعبة قبلة العالم انتهى وعندي في جواز التحري مع إمكان صعوده إشكال لأن المصير إلى الدليل الظني وترك القاطع مع إمكانه لا يجوز وما أقرب قوله في الكتاب والإستخبار فوق التحري فإذا امتنع المصير إلى ظني لإمكان ظني أقوى منه فكيف يترك اليقين مع إمكانه بالظن قوله إصابة جهتها في الدراية عن شيخه ما حاصله أن استقبال الجهة أن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها لأن المقابلة إذا وقعت في مسافة بعيدة لا تزول بما يزول به من الإنحراف لو كانت في مسافة قريبة ويتفاوت ذلك بحسب تفاوت البعد ونبقى المسامتة مع ا نتقال مناسب لذلك البعد فلو فرض خط من تلقاء وجه المستقبل للكعبة على التحقيق في بعض البلاد وخط آخر يقطعه على زاويتين قائمتين من جانب يمين المستقبل أو شماله لا تزول تلك المقابلة والتوجه بالإنتقال إلى اليمين والشمال على ذلك الخط بفراسخ كثيرة ولذا وضع العلماء قبلة بلد وبلدين وثلاث على سمت واحد فجعلوا قبلة بخارى وسمرقند ونسف وترمذ وبلخ ومرو وسرخس موضع الغروب إذا كانت الشمس في آخر الميزان وأول العقرب كما اقتضته الدلائل الموضوعة لمعرفة القبلة ولم يخرجوا لكل بلدة سمتا لبقاء المقابلة والتوجه في ذلك القدر ونحوه من المسافة وفي الفتاوى الإنحراف المفسد أن يجاوز المشارق إلى المغارب قوله هو الصحيح احتراز عن قول الجرجاني إن العين فرض الغائب أيضا لأنه المأمور به ولا فصل في النص وثمرة الخلاف تظهر في اشتراط نية عينها فعنده يشترط وعند غيره لا قوله ومن كان خائفا من سبع أو عدو أو كان في البحر على خشبة يخاف الغرق إن توجه أو مريضا لا يقدر على التوجه وليس بحضرته من يوجهه يصلي إلى أي جهة قدر ولو كان على الدابة يخاف النزول للطين والردغة يستقبل قال في الظهيرية وعندي هذا إذا كانت واقفة فإن كانت سائرة يصلي حيث شاء ولقائل أن يفصل بين كونه لو وقفها للصلاة خاف الإنقطاع عن الرفقة أو لا يخف فلا يجوز في الثاني إلا أن يوقفها ويستقبل كما عن أبي يوسف في التيمم إن كان بحيث لو مضى إلى الماء تذهب القافلة وينقطع جاز وإلا ذهب إلى الماء واستحسنوها قوله وليس بحضرته الخ لأنه لو كان بحضرته من أهل المكان من يسأله لا يجوز التحري وكذا لا يجوز مع المحاريب فلو لم يكن من أهل المكان ولا عالما بالقبلة أو كان المسجد لا محراب له أو سألهم فلم يخبروه تحرى وفي قوله ليس بحضرته إشارة إلى أنه ليس عليه طلب بمن يسأله عند الإشتباه كذا والأوجه أنه إذا علم أن المسجد قوما من أهله مقيمين غير أنهم ليسوا حاضرين فيه وقت دخوله وهم حوله في القرية وجب طلبهم ليسألهم قبل التحري لأن التحري معلق بالعجز عن تعرف القبلة بغيره علل محمد رحمه الله بما قلنا قال رجل دخل المسجد الذي لا محراب له وقبلته مشكلة وفيه قوم من أهله فتحرى القبلة وصلى ثم علم أنه أخطأه فعليه أن يعيد لانه كان يقدر أن يسأل عن القبلة فيعلمها ويصلي بغير تحر وإنما يجوز التحري إذا عجز عن تعلمه بذلك قوله اجتهد حكم المسئلة فلو صلى من اشتبهت عليه القبلة بلا تحر فعليه الإعادة إلا إن علم بعد الفراغ أنه أصاب لأن ما افترض لغيره يشترط حصوله لا غير كالسعي وإن علم في الصلاة أنه أصاب يستقبل وعند أبي يوسف يبني لما ذكرنا ولأنه لو استقبل استقبل بهذه الجهة فلا فائدة قلنا حالته قويت بالعلم وبناء القوي على الضعيف لا يجوز فصار كالأمي إذا تعلم سورة والمومى إذا قدر على الأركان فيها تفسد وبعدها تصح أما لو تحرى وصلى إلى غير جهة التحري لا يجزئه وإن أصاب مطلقا خلافا لأبي يوسف رحمه الله وهي مشكلة على قولهما لأن تعليهما في هذه وهو أن القبلة في حقه جهة التحري وقد تركها يقتضي الفساد مطلقا في صورة ترك التحري لأن ترك جهة التحري يصدق مع ترك التحري وتعليلهما في تلك بأن ما فرض لغيره يشترط مجرد حصوله كالسعي يقتضي الصحة في هذه وعلى هذا لو صلى في ثوب وعنده أنه نجس ثم ظهر أنه طاهر أو صلى وعنده أنه محدث فظهر أنه متوضىء أو صلى الفرض وعنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه كان قد دخل لا يجزئه لأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعي وهو تحريه فلا ينقلب جائزا إذا ظهر خلافه وهذا التعليل يجري في مسئلة العدول عن جهة التحري إذا ظهر صوابه وبه يندفع الإشكال الذي أورده لأن الدليل الشرعي على الفساد هو التحري أو اعتقاد الفساد عن التحري فإذا حكم بالفساد دليل شرعي لزم وذلك منتف في صورة ترك التحري فكان ثبوت الفساد فيها قبل ظهور الصواب إنما هو لمجرد اعتقاده الفساد مؤاخذة باعتقاده الذي هو ليس بدليل إذا لم يكن عن تحر والله أعلم وفي فتاوى العتابي تحرى فلم يقع تحريه على شيء قيل يؤخر وقيل يصلي إلى أربع جهات وقيل يخير هذا كله إذا اشتبه فإن صلى في الصحراء إلى جهة من غير شك ولا تحر إن تبين أنه أصاب أو كان أكبر رأيه أو لم يظهر من حاله شيء حتى ذهب عن الموضع فصلاته جائزة وإن تبين أنه أخطأ أو كان أكبر رأيه فعليه الإعادة قوله والإستخبار فوق التحري فيترك به التحري فإن لم يخبره المستخبر حين سأله فصلى بالتحري ثم أخبره لا يعيد لو كان مخطئا وبناء على هذا ذكر في التجنيس تحرى فأخطأ فدخل في الصلاة وهو لا يعلم ثم علم وحول وجهه إلى القبلة ثم دخل رجل في صلاته وقد علم حالته الأولى لا تجوز صلاة الداخل لعلمه أن الإمام كان على الخطأ في أول الصلاة انتهى ولو كان شروع الكل بالتحري وفيهم مسبوق ولا حق فلما فرغ الإمام قاما إلى القضاء فظهر لهما خلاف ما كانوا رأوا أمكن المسبوق إصلاح صلاته هنا بأن يتحول إلى القبلة دون اللاحق كذا في مجموع النوازل والحديث الذي أشار إليه أولا هو ما عن عامر بن ربيعة كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله ضعفه الترمذي وآخرون وعن جابر كنا في مسير فأصابنا غيم فتحيرنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة وجعل أحدنا يخط بين يديه فلما أصبحنا فإذا نحن قد صلينا لغير القبلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد أجيزت صلاتكم ضعفه الدارقطني وغيره والحديث الآخر هو عن ابن عمر بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة متفق عليه ورواه مسلم وقال فيه فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى ألا إن القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو الكعبة قوله وقال الشافعي الخ لا يخفى أن تيقن الخطأ ثابت في توجهه إلى جهة اليمنة واليسرة فجعله المدار يوجب الإعادة في الصور كلها نعم في الإستدبار تمام البعد عن الإستقبال والوجه الذي يظهر مؤثرا ترك الجهة استدبارا أو غيره فمقتضى النظر أن يقول بشمول العدم هذا وقد قاس على ظهور نجاسة ثوب صلى فيه أو ماء توضأ به حيث تجب الإعادة اتفاقا والجواب بالفرق بإمكان الوقوف على الصواب بالإستقصاء ثمة نظر إلى قيام الدليل وهو قيام إحساسه بهما وإمكان الإستقصاء في صونهما أما هنا فالدليل هو رؤية النجم منعدم فلا يتصور الإصابة عن الدليل فلم يتجه بوجه من الوجوه نسبته إلى تقصير بخلاف صورة قيام الدليل وأيضا القبلة قبلت التحول شرعا من الشام إلى الكعبة عينها ثم جهتها ثم إلى جهة التحري عند الإشتباه ولا إعادة بخلاف النجاسة والطهارة فإنه لم يثبت قبولهما التحول شرعا والله الموفق للصواب & باب صفة الصلاة
صفحة ٢٧٣