ولهما ما روى أبو يوسف بسنده وكذا من قدمنا معه أنه صلى الله عليه وسلم حين شغلهم الكفار يوم الأحزاب عن أربع صلوات عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء قضاهن على الولاء وأمر بلالا أن يؤذن ويقيم لكل واحدة منهن ولأنها صلاة مفروضة يقيمها المخاطب بالإقامة بالجماعة فيقيمها كالجماعة بخلاف النساء وصلاة عرفة لو كان على القياس لم يعارض النص فكيف وهما على خلاف القياس قال الرازي يجوز كون ما قال محمد قولهم جميعا والمذكور في الكتاب محمول على الصلاة الواحدة فلا خلاف واستشكل بأن الصلاة الواحدة لا خلاف فيها قوله ووجه الفرق أي ما بين الأذان جنبا ومحدثا على إحدى الروايتين في المحدث وهي رواية عدم الكراهة قوله أن للأذان شبها بالصلاة وجهه تعلق أجزائهما بالوقت واشتراكهما في استقبال القبلة يشترط فيهما كذا قيل وهو يقتضي أن يعاد الأذان إذا لم يستقبل به كما يعاد إذا كان قبل الوقت وليس كذلك فالأولى أن يقال إنه مطلوب فيهما وإن اختلفت كيفية الطلب قوله وفي الجامع الصغير ذكره لاشتماله على ما ليس في القدورى من الإعادة لأن الكراهة وهي المذكورة فيه لا تستلزم الإعادة كأذان القاعد والراكب في المصر يكره ولا إعادة وليبني عليه المختار من التفصيل في الإعادة والله أعلم قوله وكذلك المرأة الخ فحاصله أنه يكره أذان جماعة ويعاد أذان الصبي الذي لا يعقل والمرأة والجنب والسكران والمجنون والمعتوه لعدم الإعتماد على أذان هؤلاء فلا يلتفت إليهم فربما ينتظر الناس الأذان المعتبر والحال أنه معتبر فيؤدى إلى تفويت الصلاة أو الشك في صحة المؤدى أو إيقاعها في وقت مكروه وهذا لا ينتهض في الجنب وغاية ما يمكن أنه يلزم فسقه وصرح بكراهة أذان الفاسق ولا يعاد فالإعادة فيه ليقع على وجه السنة وفي الخلاصة خمس خصال إذا وجدت في الأذان والإقامة وجب الإستقبال إذا غشى على المؤذن في أحدهما أو مات أو سبقه الحدث فذهب وتوضأ أو حصر فيه ولا ملقن أو خرس يجب الإستقبال وفي فتاوى قاضيخان معناه فإن حمل الوجوب على ظاهره احتيج إلى الفرق بين نفس الأذان فإنه سنة واستقباله بعد الشروع فيه وتحقق العجز عن إتمامه وقد يقال فيه إذا شرع فيه ثم قطع تبادر إلى ظن السامعين أن قطعه للخطأ فينتظرون الأذان الحق وقد تفوت بذلك الصلاة فوجب إزالة ما يفضي إلى ذلك بخلاف ما إذا لم يكن أذان أصلا حيث لا ينتظرون بل يراقب كل منهم وقت الصلاة بنفسه أو ينصبون لهم مراقبا إلا أن هذا يقتضي وجوب الإعادة فيمن ذكرناهم آنفا إلا الجنب ولو قال قائل فيهم إن علم الناس حالهم وجبت وإلا استحبت ليقع فعل الأذان معتبرا وعلى وجه السنة لم يبعد وعكسه في الخمس المذكورة في الخلاصة وأذان العبد والأعمى والأعرابي وولد الزنا لا كراهة فيه وغيرهم أولى منهم وإذا قدم بعض كلمات الأذان على بعض كشهادة أن محمدا رسول الله ثم شهادة أن لا إله إلا الله فعليه أن يقول أشهد أن محمدا رسول الله بعدها قوله ولا يؤذن لصلاة قبل دخول وقتها ويكره ذلك ويعاد وبه قال أبو يوسف والشافعي رحمهما الله إلا في الفجر على ما في الكتاب وفي رواية عندهم جميع الليل وقت لأذان الصبح لهم قوله عليه الصلاة والسلام إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم قوله والحجة على الكل الخ رواه أبو داود عن شداد مولى عياض بن عامر عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يده عرضا ولم يضعفه أبو داود وأعله البيهقي أن شداد لم يدرك بلالا فهو منقطع وابن القطان بأن شدادا مجهول أيضا لا يعرف بغير رواية جعفر بن برقان عنه وروى البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قال يا بلال لا تؤذن حتى يطلع الفجر قال في الإمام رجال إسناده ثقات وروى عبدالعزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن بلالا أذن قبل الفجر فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ما حملك على ذلك قال استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر قد طلع فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي على نفسه ألا إن العبد قد نام وروى ابن عبدالبر عن إبراهيم قال كانوا إذا أذن المؤذن بليل قالوا له اتق الله وأعد أذانك وهذا يقتضي أن العادة الفاشية عندهم إنكار الأذان قبل الوقت فثبت أن أذانه قبل الفجر قد وقع وأنه صلى الله عليه وسلم غضب عليه وأمره بالنداء على نفسه ونهاه عن مثله فيجب حمل ما رووه على أحد أمرين إما أنه من جملة النداء عليه يعني لا تعتمدوا على أذانه فإنه يخطىء فيؤذن بليل تحريضا له على الإحتراس عن مثله وإما أن المراد بالأذان التسحير بناء على أن هذا إنما كان في رمضان كما قاله في الإمام فلذا قال فكلوا واشربوا أو التذكير الذي يسمى في هذا الزمان بالتسبيح ليوقظ النائم ويرجع القائم كما قيل إن الصحابة كانوا حزبين حزبا يجتهدون في النصف الأول وحزبا في الأخير وكان الفاصل عندهم أذان بلال رضي الله عنه يدل عليه ما روى عنه صلى الله عليه وسلم لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال فإنه يؤذن ليوقظ نائمكم ويرقد قائمكم وقد روى أبو الشيخ عن وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كان المؤذن يؤذن حتى يطلع الفجر قوله لابني أبي مليكة الصواب مالك بن الحويرث وابن عم له وقد ذكره المصنف في الصرف على الصواب كما ذكره صاحب المبسوط وفخر الإسلام في الجامع والمحبوبي في الصحيح عن مالك بن الحويرث أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي فلما أردنا الإنتقال من عنده قال لنا إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما وفي رواية للترمذي أنا وابن عم لي فهي مفسرة للمراد بالصاحب وإذا كان هذا الخطاب لهما ولا حاجة لهما مترافقين إلى استحضار أحد علم أن المنفرد أيضا يسن له ذلك
صفحة ٢٥٤