وعلى قول محمد لا تصح ولا يحكم بالطهارة بذلك لعدم الماء وكذا على إحدى الروايتين عن أبى يوسف وهى اشتراط الماء في العضو وأما المروى عن محمد في المسافر إذا اصابه يده نجاسة يمسحها بالتراب فمشكل على قول الكل فإن أبا حنيفة وأبا يوسف إنما جوزا مثله في الخف والنعل بشرطه ومحمد خالفهما فكيف يتجه ذلك اللهم إلا أن يراد بميحه تقليلا للنجاسة حالة الاشتغال بالسير فلا يمنع لتخفيف الجرم بذلك ثم يغسلها بعد ذلك قوله ولهما قوله صلى الله عليه وسلم روى أبو داود عن أبى سعيد الخدرى أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعله أذى أو قذرا فليمسحه وليصل فيهما وخرج ابن خزيمة عن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا وطىء أحدكم الأذى بنعله أو خفيه فطهورهما التراب ولا تفصيل فيهما بين الرطب والجاف والكثيف والرقيق فأعمل أبو يوسف إطلاقه إلا في الرقيق وقيداه بالجرم والجفاف غير أنه لا فرق على ما فرعوا بين كون الجرم من نفس النجاسة أو من غيرها بأن ابتل الخف بخمر فمشى به على رمل أو رماد فاستجسد فمسحه بالأرض حتى تناثر طهر
روى ذلك عن أيى حنيفة وأبى يوسف إلا أن أبا يوسف لم يقيده بالجفاف وعلى قول أبى يوسف أكثر المشايخ وهو المختار لعموم البلوى ونعلم أن الحديث يفيد طهارتها بالدلك مع الرطوبة إذ ما بين المسجد والمنزل ليس مسافة تجف في مدة قطعها ما أصاب الخف رطبا فإطلاق ما يروى مساعد بالمعنى
وأما مخالفته في الرقيق فقيل هو مفاد بقوله طهور أي مزيل ونحن نعلم إن الخف اذا تشرب البول لا يزيله المسح فإطلاقه مصروف إلى ما يقبل الإزالة بالمسح ولا يخفى ما فيه إذ معنى طهور مطهر واعتبر ذلك شرعا بالمسح المصرح به في الحديث الآخر الذي ذكرناه مقتصرا عليه وكما لا يزيل ما تشربه من الرقيق كذلك لا يزيل ما تشربه من الكثيف حال الرطوبة على ما هو المختار للفتوى باعتراف هذا المجيب
والحاصل فيه بعد إزالة الجرم كالحاصل قبل الدلك في الرقيق فإنه لا يشرب إلا ما فى استعداده قبوله وقد يصيبه من الكثيفة الرطبة مقدار كثير يشرب من رطوبته مقدار ما يشربه من بعض الرقيق قوله لقوله صلى الله عليه وسلم = لعائشة الذي في صحيح أبى عوانة عن عائشة قالت كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا وأمسحه وأغسله شك الحميدى إذا كان رطبا ورواه الدارقطنى وأغسله من غير شك فهذا فعلها
صفحة ١٩٦