وقوله في الهداية لزفر أن اعتبار الطهارة مع المنافى للحاجة إلى الأداء ولا حاجة قبل الوقت ولأبى يوسف أن الحاجة مقصورة على الوقت فلا تعتبر قبله ولا بعده صريح في موافقة كلام فخر الإسلام وفي أن الطهارة تقبله لم تصح لا أنها انتقضت بعد الصحة وحينئذ فالخلاف فيمن توضأ قبل الزوال أو قبل الشمس ابتدائى في نفس صحة الوضوء وعدمه بالنسبة إلى الوقت لا مبنى على مناط النقض فليس وضع الخلاف صحيحا فما ذكر في النهاية من أنها طهارة معتبرة في حق النفل وقضاء الفوائت وعدم اعتبارها باعتبار أن الحاجة المتعلقة بأداء الوقتية منعدمة في حق تلك الطهارة لا أنها غير معتبرة أصلا حسن قوله فعندهما ليس له أن يصلى العصر بهذه الطهارة فإنما خصهما مع أن الكل على هذا لأن الشبهة تأتى على قولهما إذ له أن يقدم الطهارة على الوقت ولا ينتقض بالدخول ومع هذا لا يصلى العصر بهذه لأنه دخول مشتمل على خروج ولا يخفى أن عدم جواز العصر بهذه الطهارة فيما إذا كانت على السيلان أو وجد بعدها وإلا فله ذلك قوله والمستحاضة هي التي لا يمضى عليها وقت صلاة إلا والحدث الذي ابتليت به يوجد فيه لما أعطى حكم المستحاضة أفاد تصويرها وكان الأولى تقديمه على الحكم لتقدم التصور على الحكم المتصور لكنه بادر إلى الحكم لأنه المقصود والأهم مع عدم الفوات إذ قد أفاد التصوير لكنه أخره فإنما فيه وجه التقديم وقد انتظمه كلامنا
قيل الصحيح أن يقال هي التي لا يخلو وقت الوضوء أو بعده في الوقت عن الحدث الذي ابتليت بدوامه لأنه يرد على الأول إذا رأت الدم أول الوقت ثم انقطع فتوضأت ودام الانقطاع حتى خرج الوقت لا تنتقض طهارتها فلو كان ذلك تفسير المستحاضة لا تنتقض لأن المستحاضة حكمها ذلك
وحاصل هذا الكلام للمتأمل إناطة ثبوت وصف الاستحاضة واسم المستحاضة بوجود الوضوء وليس بشيء فإنها لو لم تتوضأ ولم تصل لمرض يعجزها عن الإيماء أو فسقا وهي بالوصف المذكور بعد دوامه وقتا كاملا كانت مستحاضة قطعا غاية الأمر أن المستحاضة إنما ينتقض وضوءها بالخروج إذا كان السيلان معه أو بعده في الوقت وترك التقييد به في إعطائها لهذا الحكم لظهوره وعليه قلنا لو توضأت وصلت بعض الصلاة فخرج الوقت ثم سال تتوضأ وتبنى لأن الانتقاض بالحدث لا بالخروج ليكون بظهور الحدث السابق فتستقبل ثم تحقق كونها مبتلاة به وكذا سائر المعذورين ابتداء باستيعابه وقت صلاة كامل
وفي الكافى إنما يصير صاحب عذر إذا لم يجد في وقت الصلاة زمنا يتوضأ ويصلى فيه خاليا عن الحدث
صفحة ١٨٤