فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

شمس الدين السخاوي ت. 902 هجري
99

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

محقق

علي حسين علي

الناشر

مكتبة السنة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هجري

مكان النشر

مصر

عَلَى أَنَّهُ قَدِ انْتَصَرَ التَّاجُ التِّبْرِيزِيُّ لِلْبَغَوِيِّ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ، بَلْ تَخْطِئَةُ الْمَرْءِ فِي اصْطِلَاحِهِ بَعِيدَةٌ عَنِ الصَّوَابِ. وَالْبَغَوِيُّ قَدْ صَرَّحَ فِي ابْتِدَاءِ كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: أَعْنِي بِالصِّحَاحِ كَذَا، وَبِالْحِسَانِ كَذَا، وَمَا قَالَ: أَرَادَ الْمُحَدِّثُونَ بِهِمَا كَذَا، فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ خُصُوصًا. وَقَدْ قَالَ: وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ ضَعِيفٍ أَوْ غَرِيبٍ، أَشَرْتُ إِلَيْهِ، وَأَعْرَضْتُ عَمَّا كَانَ مُنْكَرًا أَوْ مَوْضُوعًا، وَأَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِحُكْمِهِ فِي قِسْمِ الْحِسَانِ بِصِحَّةِ بَعْضِ أَحَادِيثِهِ تَارَةً، إِمَّا نَقْلًا عَنِ التِّرْمِذِيِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَضَعَّفَهُ أُخْرَى بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ; إِذْ لَوْ أَرَادَ بِالْحِسَانِ الِاصْطِلَاحَ الْعَامَّ، مَا نَوَّعَهُ. وَلَا تَضُرُّ الْمُنَاقَشَةُ لَهُ فِي ذِكْرِهِ مَا يَكُونُ مُنْكَرًا بَعْدَ الْتِزَامِهِ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ ; كَقَوْلِهِ فِي بَابِ السَّلَامِ مِنَ الْأَدَبِ: وَيُرْوَى عَنْ جَابِرٍ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ» . وَهَذَا مُنْكَرٌ، وَلَا تَصْرِيحُهُ بِالصِّحَّةِ وَالنَّكَارَةِ فِي بَعْضِ مَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْحِسَانَ. كَمَا لَا يَضُرُّهُ تَرْكُ حِكَايَةِ تَنْصِيصِ التِّرْمِذِيِّ فِي بَعْضِهَا بِالصِّحَّةِ أَحْيَانًا، وَلَا إِدْخَالُهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُسَمَّى بِالصِّحَاحِ عِدَّةَ رِوَايَاتٍ لَيْسَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَا فِي أَحَدِهِمَا مَعَ الْتِزَامِهِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَأَمْرٍ خَارِجِيٍّ يَرْجِعُ إِلَى الذُّهُولِ وَنَحْوِهِ، بَلْ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فِي الْعُذْرِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ أَنَّهُ يَذْكُرُ أَصْلَ الْحَدِيثِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. ثُمَّ يَتْبَعُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ لَفْظِهِ، وَلَوْ بِزِيَادَةٍ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْخَبَرِ يَكُونُ بَعْضُ مَنْ خَرَّجَ السُّنَنَ أَوْرَدَهَا، فَيُشِيرُ هُوَ إِلَيْهَا لِكَمَالِ الْفَائِدَةِ. (وَمَنْ عَلَيْهَا) أَيِ: السُّنَنِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (أَطْلَقَ الصَّحِيحَا) كَالْحَاكِمِ وَالْخَطِيبِ ; حَيْثُ أَطْلَقَا الصِّحَّةَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَنْدَهْ وَابْنِ السَّكَنِ عَلَى كِتَابَيْ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، وَالْحَاكِمِ عَلَى أَبِي دَاوُدَ، وَجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ

1 / 113