وإياكم أن تكونوا يوم القيامة من الهالكين بخصومة أصحاب رسول الله ﷺ، فقد هلك من كان أصحاب النبي ﷺ خصمه، ودعوا ما مضى، فقد قضى الله ما قضى، وخذوا لأنفسكم الجد فيما يلزمكم اعتقادًا وعملًا، ولا تسترسلوا بألسنتكم فيما لا يعينكم مع كل ناعق اتخذ الدين هملًا، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا» (^١).
والخلاصة كما قال الطبريُّ: «وفي هذه السنة (^٢) - فيما ذُكر- جرت بين علي وبين معاوية المهادنة- بعد مكاتبات جرت بينهما يطول بذكرها الكتاب- على وضع الحرب بينهما، ويكون لعلي العراق ولمعاوية الشام، فلا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيشٍ، ولا غارةٍ، ولا غزو» (^٣).
موقفٌ حميدٌ لمعاوية مع ملك الروم حال الفتنة:
قال ابنُ كثيرٍ -مُتحدِّثا عن معاوية-: «لم تزل الفتوحات والجهاد قائمًا على ساقه في أيامه في بلاد الروم والفرنج وغيرها، فلما كان من أمره وأمر أمير المؤمنين عليٍّ ما كان، لم يقع في تلك الأيام فتح بالكلية، لا على يديه ولا على يدي علي، وطمع في معاوية ملك الروم بعد أن كان قد أخسأه وأذلَّه، وقهر جنده ودحاهم، فلما رأى ملك الروم اشتغال معاوية بحرب علي؛ تدانى إلى بعض البلاد في جنودٍ عظيمةٍ، وطمع فيه، فكتب إليه معاوية: والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك يا لعين لأصطلحن أنا وابن عمي عليك، ولأخرجنك من جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت. فعند ذلك خاف ملك الروم وانكفَّ، وبعث يطلب الهدنة» (^٤).
(^١) العواصم من القواصم (ص: ١٨٠). (^٢) يعني: سنة أربعين من الهجرة. (^٣) تاريخ الطبري (٥/ ١٤٠). (^٤) البداية والنهاية (١١/ ٤٠٠)، ولم أقف له على إسناد.
1 / 113