فتح المعبود في الرد على ابن محمود

حمود بن عبد الله التويجري ت. 1413 هجري
166

فتح المعبود في الرد على ابن محمود

الناشر

مطبعة المدينة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

والإيمان يوجب أن كلا من الاسمين وإن كان مسماه واجبا لا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمنا مسلما، فالحق في ذلك ما بينه النبي ﷺ في حديث جبريل؛ فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات أولها الإسلام وأوسطها الإيمان وأعلاها الإحسان، ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها، فالمحسن مؤمن، والمؤمن مسلم، وأما المسلم فلا يجب أن يكون مؤمنا، وهكذا جاء القرآن فجعل الأمة على هذه الأصناف الثلاثة قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه والمقتصد هو المؤمن المطلق الذي أدى الواجب وترك المحرم، والسابق بالخيرات هو المحسن الذي عبد الله كأنه يراه. وقال أبو سليمان الخطابي: ما أكثر ما يغلط الناس في هذه المسألة فأما الزهري فقال الإسلام الكلمة والإيمان العمل واحتج بالآية، وذهب غيره إلى أن الإسلام والإيمان شيء واحد واحتج بقول: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ قال الخطابي: والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام في هذا ولا يطلق، وذلك أن المسلم قد يكون مؤمنا في بعض الأحوال ولا يكون مؤمنا في بعضها والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا، وإذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القول فيها ولم يختلف شيء منها. قال الشيخ والذي اختاره الخطابي هو قول من فرق بينهما كأبي جعفر وحماد بن زيد وعبد الرحمن بن مهدي وهو قول أحمد بن حنبل وغيره ولا علمت أحدا من المتقدمين خالف هؤلاء فجعل نفس الإسلام نفس الإيمان، ولهذا كان عامة أهل السنة على هذا الذي قاله هؤلاء كما ذكره الخطابي، وكذلك

1 / 168