فتح الباري شرح صحيح البخاري

ابن رجب الحنبلي ت. 795 هجري
92

فتح الباري شرح صحيح البخاري

محقق

مجموعة من المحقيقين

الناشر

مكتبة الغرباء الأثرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هجري

مكان النشر

المدينة النبوية

تنزل مع المطر من السماء، كذا قاله كعب غيره. وقد ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب " المطر " وذكر فيه آثارا عن الأعراب. وحميل السيل: محمولة؛ فإن السيل يحمل من الغثاء ونحوه ما ينبت منه العشب، وشبه نبات الخارجين من النار إذا ألقوا في نهر الحيا – أو الحياة – بنبات هذه الحبة لمعنيين: أحدهما: سرعة نباتها. والثاني: أنها صفراء ملتوية ثم تستوي وتحسن، فكذلك ينبت من يخرج من النار بهذا الماء نباتا ضعيفا ثم يقوى ويكمل نباته ويحسن خلقه. وقد جعل الله نبات أجساد بني آدم كنبات الأرض، قال الله تعالى ﴿وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا﴾ [نوح: ١٧] وحياتهم من الماء، فنشأتهم الأولى في بطون أمهاتهم من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، ونشأتهم الثانية من قبورهم (١) من الماء الذي ينزل من تحت العرش، فينبتون فيه كنبات البقل حتى تتكامل أجسادهم، ونبات من يدخل النار ثم يخرج منها من ماء نهر الحياة – أو الحيا. وفي " صحيح مسلم " عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: " أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون؛ ولكن أناس أصابتهم النار بذنوبهم – أو قال: بخطاياهم -، فأماتهم الله إماتة حتى إذا كانوا

(١) في " ف ": " قبورهم " – بالمثناة التحتانية، والمثبت هو الصواب.

1 / 96