[فصل في صفة الوضوء] فرض الوضوء غسل الأعضاء المعروفة والوضوء أنواع ثلاث فرض وهو وضوء المحدث عند القيام إلى الصلاة وواجب وهو الوضوء للطواف إن طاف بالبيت بدونه جاز طوافه ويكون تاركا للواجب ومندوب وذلك غير معدود. * [الوضوء المندوب] فمنها الوضوء للنوم إذا أراد النوم يستحب له أن يتوضأ ومنها المحافظة على الوضوء وتفسيره أن يتوضأ كلما أحدث ليكون على الوضوء في الأوقات كلها ومنها الوضوء بعد الغيبة وبعد إنشاد الشعر ومنها الوضوء على الوضوء ومنها الوضوء إذا ضحك إذا ضحك قهقهة ومنها الوضوء لغسل الميت. (وسنن الوضوء كثيرة) فمنها الاستنجاء إذا أراد أن يتوضأ بعد ما أحدث فإنه يغسل موضع النجاسة فإن ترك الاستنجاء واستنجى بالحجر أو المدر جاز ولا يعتبر فيه العدد إنما المعتبر فيه الإنقاء والاستنجاء بالماء بعد الاستنجاء بالحجر أدب عندنا ويغسل يديه واختلفوا أن يغسل يديه قبل الاستنجاء أو بعده والأصح أنه يغسلهما مرتين مرة قبل الاستنجاء ومرة بعد ويسمي واختلفوا أيضا في وقت التسمية والأصح أنه يسمي مرتين مرة قبل كشف العورة ومرة بعد الفراغ من الاستنجاء وستر العورة ولا يسن الاستنجاء في حدث الريح والنوم وإن جاوزت النجاسة موضع الشرج إن كان المجاوز أكثر من قدر الدرهم يفترض غسلها بالماء وإن كان درهما ما دونه لا يفترض غسلها بالماء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله فإن لم يغسل النجاسة وصلى جاز وينبغي أن يمشي خطوات ثم يستنجي وصورة الاستنجاء بالماء أن يرخي موضع الاستنجاء كل الإرخاء حتى يتم التنظيف ويستنجي بإصبع أو إصبعين وثلاثة ببطون الأصابع لا برؤوسها احترازا عن الاستمتاع بالإصبع والمرأة في ذلك كالرجل إلا أنها تقعد متفرجة بين رجليها وتغسل ما ظهر منها ولا تدخل الإصبع في فرجها لما قلنا وفي الاستنجاء بالحجر يدبر بالحجر الأول ويقبل بالحجر الثاني ويدبره بالثالث إن كان في الصيف وفي الشتاء يقبل <33> الرجل بالحجر الأول ويدبر بالثاني ويقبل بالثالث لأن في الصيف خصيتيه متدليتين فلو أقبل بالأول تتلطخ خصيتاه فلا يقبل ولا كذلك في الشتاء والمرأة تفعل ما يفعل الرجل في الشتاء في الأوقات كلها فإن كان صائما لا ينبغي أن يقوم عن موضع الاستنجاء حتى ينشف ذلك الموضع بخرقة كيلا يصل الماء إلى باطنه فيفسد صومه ولا يتنفس في الاستنجاء لهذا والاستنجاء بالماء أفضل إن أمكنه ذلك من غير كشف العورة وإن احتاج إلى كشف العورة يستنجي بالحجر ولا يستنجي بالماء قالوا من كشف العورة للاستنجاء يصير فاسقا ويبالغ في الاستنجاء في الشتاء فوق ما يبالغ في الصيف فإن استنجى في الشتاء بماء مسخن كان بمنزلة ما لو استنجى في الصيف إلا أن ثوابه لا يبلغ ثواب المستنجي بالماء البارد ويستنجي باليسرى فإن شلت يده اليسرى ولا يجد من يصب الماء عليه لا يستنجي إلا أن يقدر على الاستنجاء بالماء بيده اليمنى فأن كان على ضفة نهر جار وإن شلت يداه وعجز عن الوضوء والتيمم يمسح ذراعيه مع المرفقين على الأرض ووجهه على الحائط ولا يدع الصلاة وكذا قالو في المريض إذا لم يكن له امرأة وعجز عن الوضوء وله ابن أو أخ فإنه يوضيه إلا أنه لا يمس فرجه إلا من يحل له وطؤها والمرأة المريضة إن لم يكن لها زوج وعجزت عن الوضوء لها بنت أو أخت توضيها ويسقط عنها الاستنجاء (إذا أراد) المتوضئ أن يغسل يديه يأخذ الإناء بيده اليسرى ويصب على اليمنى بالإناء ثلاثا ثم اليسرى وإن لم يكن معه إناء فإنه يغترف من التور بأصابع يده اليسرى مضمومة لا بالكف ثم يغسل وجهه يضع الماء على جبينه حتى ينحدر الماء إلى أسفل الذقن ولا يضع على خذه ولا على أنفه ولا يضرب على جبينه ضربا عنيفا ويغسل شعر الشارب والحاجبين وما كان من شعر اللحية على أصل الذقن ولا يجب إيصال الماء إلى منابت الشعر إلا أن يكون الشعر قليلا تبدو المنابت منه ولا يجب إيصال الماء إلى داخل العينين ومن الناس من قال لا يضم العينين كل الضم ولا يفتح كل الفتح حتى يصل الماء إلى أشفاره وجوانب عينيه فإن كان الرجل ملتحيا لا يجب غسل ما استرسل من الذقن وكذا لو جعل شعره ذؤابتين وشدهما حول رأسه أو أرسلهما <34> وكذا المحرم إذا تلبد رأسه فوصل الماء إلى أصول شعره كفاه كما في شعر اللحية ولا يسن تخليل اللحية في قول أبي حنيفة رحمه الله ويستحب أن يمسح ثلث اللحية أو ربعها وفي بعض الروايات كلها وهو الصحيح ويغسل الموضع المنكشف بين العذار والأذن في قول محمد رحمه الله وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله فإن أمر الماء على شعر الذقن ثم حلقه لا يجب عليه غسل الذقن وكذا لو حلق الحاجب أو الشارب أو مسح رأسه ثم حلق أو قلم أظافيره لا يلزمه الإعادة ولو كان به قرحة فارتفع جلدها وأطراف القرحة متصلة بالجلد إلا الطرف الذي كان يخرج منه القيح فغسل الجلدة ولم يصل الماء إلى ما تحت الجلدة جاز وضوءه لأن ما تحت الجلدة غير ظاهر فلا يفترض غسله إذا اغتسلت المرأة من الحيض والجنابة وفي أظفارها عجين أو الطيان أو الخباز أو الصباغ إذا توضأ أو اغتسل وفي أظفاره عجين أو طين أو ما أشبه ذلك اختلفوا فيه قال بعضهم يتم غسله ووضوءه لأن ذلك لا يمنع تمام الغسل والوضوء لأنه يتولد من ذلك الموضع وكذا الطعام إذا بقي في أسنانه وذكر الناطفي رحمه الله أن الطعام يمنع تمام الغسل إلا أن يخرج الطعام ويجري الماء على ذلك الموضع (الأقلف) إذا اغتسل من الجنابة ولم يصل الماء تحت الجلدة وغسل ما فضل من الجلدة على رأس الحشفة وما يخرج منه البول عن رأس الحشفة يخرج من الجنابة لأن ذلك خلقي وعن بعضهم أنه لا يخرج وكذا ما يكون على البدن يقال بالفارسية فلنباج لا يمنع تمام الغسل لأنه يتولد من البدن بمنزلة الدرن ولو كان على يديه خبز مصنوع قد جف ويبس واغتسل لا يخرج عن الجنابة حتى يدلك ذلك الموضع ويجري الماء تحته لأنه لا حرج فيه ولو كان على أعضاء وضوءه قرحة نحو الدمل عليها جلدة رقيقة فتوضأ وأمر الماء على ظاهر الجلدة ثم نزع الجلدة ولم يغسل ما تحتها وصلى جازت صلاته ولو كان في إصبعه خاتم إن كان واسعا لا يحتاج إلى تحريكه وإن كان ضيقا ولم يحركه روى الحسن عن أبي حنيفة وأبو سليمان عن أبي يوسف ومحمد رحمهم الله أنه يجوز وقال بعضهم في الضيق لا بد من التحريك ثم يمسح رأسه فرضا <35> وسنة بماء واحد وقال الشافعي رحمه الله يمسح ثلاث مرات بثلاث مياه وعندنا لو فعل ذلك لا يكره ولكن لا يكون سنة ولا ندبا ومقدرا المفروض ربع الرأس بثلاثة أصابع فإن مسح بإصبع واحدة ظهرا وبطنها وجنبا ووقع ذلك في ثلاث مواضع جاز وإن مسح بإصبعين لا يجوز إلا أن يمسح بالإبهام والسبابة مفتوحتين يضعهما مع ما بينهما من الكف على رأسه فيجوز ويكون ذلك بمنزلة ثلاثة أصابع وإن مسح بثلاثة أصابع موضوعة غير ممدودة روى هشام عن أبي حنيفة وأبي يوسف وابن رستم عن محمد رحمهم الله أنه يجوز الاستيعاب في مسح الرأس سنة وصورة ذلك أن يضع أصابع يديه على مقدم رأسه وكفيه على فوديه ويمدهما إلى قفاه فيجوز وأشار بعضهم إلى طريق آخر احترازا عن استعمال الماء المستعمل إلا أن ذلك لا يمكن إلا بكلفة ومشقة فيجوز الأول ولا يصير الماء مستعملا ضرورة إقامة للسنة فإن مسح بثلاثة أصابع ممدودة غير أنه وقع على الشعر إن وقع على شعر تحته رأس جاز وإن وقع على شعر تحته جبهة أو رقبة غير الرأس لا يجوز لأن ما على الرأس لا يجوز لأن ما على الرأس يكون من الرأس ولهذا لو حلف أن لا يضع يده على رأس فلان فوضع على شعر تحته رأس حنث ولو مسحت المرأة فوق الخمار إن وصل الماء إلى الشعر جاز وإلا فلا وقال بعضهم إن كان الخمار جديدا غير مغسول لا يجوز لأنه لا يقبل الماء وقال بعضهم إن ضربت يدها مبلولة فوق الخمار حتى يصل الماء إلى شعرها جاز والأفضل أن يمسح تحت الخمار ويمسح الأذنين بماء الرأس وإن لم يمسح على الرأس ومسح على الأذنين لا ينوب ذلك عن مسح الرأس ولم ينقل لنا أصحابنا إدخال الأصابع في صماخ الأذنين وعن أبي يوسف أنه كان يفعل ذلك وأما مسح الرقبة ليس بأدب ولا سنة وقال بعضهم هو سنة وعند اختلاف الأقاويل كان فعله أولى من تركه ولو غمس رأسه في إناء جاز عن المسح في قول أبي يوسف وقد مر قبل هذا ثم يغسل رجليه كما قال في الكتاب ويسمي عند غسل كل عضو ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أشهد أن محمدا عبده ورسوله ويشرب فضل وضوءه قائما والغسل عن الجنابة والحيض والنفاس واحد بصورة واحدة يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا واختلفوا <36> أنه هل يمسح رأسه في الوضوء قبل الغسل قال بعضهم لا يمسح وقال بعضهم يمسح وهو الصحيح.
صفحة ١٦