فصل فيما يقع في البئر الواقع فيه أنواع منها ما لا يفسده ومنها ما يفسد جميع الماء ومنها ما يفسد البعض أما الأول: الآدمي الطاهر إذا انغمس في البئر لطلب الدلو أو للتبرد وليس على أعضائه نجاسة وخرج حيا فإنه لا يفسده والماء طاهر وطهور ولا ينزح منه شيء وكذا لو وقعت الشاة وخرجت حية إلا أن هنا ينزح عشرون دلوا لتسكين القلب لا للتطهير حتى لو لم ينزح وتوضأ جاز وذكر في الكتاب الأحسن أن ينزح منها دلاء ولم يقدر وعن محمد رحمه الله في كل موضع ينزح لا ينزح أقل من عشرين دلوا لأن الشرع لم يرد بنزح ما دون العشرين وكذا الحمار أو البغل إذا وقع في البئر وخرج حيا ولم يصب الماء فم الواقع فإن أصاب ينزح جميع الماء وكذا لو وقع في البئر ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم والطيور والدجاجة المحبوسة وإن كانت مخلاة فوقعت في البئر وخرجت منه حية لا يتوضأ من ذلك البئر استحبابا احتياطا وثقة، وإن توضأ جاز كما لو شربت من إناء وكذلك مكان البيت كالفأرة والهرة والحية إذا وقعت وخرجت حية عند أبي حنيفة ينزح منها دلاء عشرة أو أكثر لكراهة السؤر وإن لم ينزح وتوضأ جاز وكذا الصبي إذا أدخل يده في البئر أو في الإناء لا يتوضأ منه استحسانا ما لم ينزح وإن لم ينزح وتوضأ جاز.
(وأما ما يفسد ماء البئر ) فهو على نوعين أحدهما ينزح فيه كل الماء والثاني ينزح فيه البعض أما الأول إذا وقعت فيه قطرة من الخمر أو غيرها من الأشربة التي لا يحل شربها أو الدم أو البول بول الصبي والجارية فيه سواء وكذا بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه وكذا لو مات فيها شاة أو ما هو مثلها في الجثة كالظبي والآدمي أو مات فيه ما له دم سائل كالفأرة ونحوها إذا انتفخت أو تفسخت أو وقع فيها ذنب فأرة أو قطعة من لحم الميتة أو وقع فيها كلب أو خنزير مات أو لم يمت أصاب الماء فم الواقع أو لم يصب أما الخنزير فلأن عينه نجس والكلب كذلك ولهذا لو ابتل الكلب وانتفض فأصاب ثوبا أكثر من قدر الدرهم أفسده لأن مأواه النجاسات وسائر السباع بمنزلة الكلب وكذا لو اغتسل فيه طاهر أو توضأ لأن الماء المستعمل في إقامة القربة وإسقاط الفرض نجس في أظهر الروايات عن أبي حنيفة وكذا لو وقع المحدث أو الجنب في البئر لطلب الدلو وعلى أعضائه نجاسة أو لم يكن مستنجيا أو كان مستنجيا بالحجر فإنه ينزح كل الماء فإن لم يكن على أعضائه نجاسة فعن أبي حنيفة رحمه الله ثلاث روايات والأظهر أن يصير الماء نجسا ويخرج الرجل من الجنابة ثم يتنجس بالماء النجس حتى لو كان تمضمض واستنشق حل له قراءة القرآن ولو وقعت الحائض بعد انقطاع الدم وليس على أعضائها نجاسة فهي كالرجل الجنب فغن وقعت قبل انقطاع الدم وليس على أعضائها نجاسة فهي كالرجل الطاهر إذا انغمس للتبرد لأنها لا تخرج عن الحيض بهذا الوقوع فلا يصير الماء مستعملا.
(ولو وقع في البئر خرقة أو خشبة نجسة) ينزح كل الماء (والروث وأخثاء البقر) بمنزلة البول (وعن محمد رحمه الله) التبنة والتبنتان عفو (وبول الهرة والفأرة وخرؤها نجس) في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب ( وخرء الخفاش) وبوله لايفسد الماء والثوب لتعذر الاحتراز عنه وذرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف لتعذر الاحتراز عنه وبعر الإبل أو الغنم) إذا وقع في البئر لا يفسد ما لم يفحش والفاحش ما يستكثره الناس والقليل مايستقله وقيل إن كان لا يسلم كل دلو عن بعرة أو بعرتين فهو فاحش (وعن محمد) إن أخذ ربع وجه الماء فهو كثير ويستوي فيه الرطب واليابس والصحيح والمنكسر في المصر كان ذلك أوفي المفازة وما يعلو من جوف الدابة ثم يعود حكمه حكم الروث والبعر (خرء ) ما يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء إلا الدجاجة المخلاة وفي رواية البط والإوز بمنزلة الدجاجة وذرق سباع الطير يفسد الثوب إذا فحش ويفسد ماء الأواني ولا يفسد ماء البئر وموت الطيور ي الماء يفسد الماء يستوي فيه البري والبحري (موت) ما لا دم له كالسمك والسرطان والحية وكل ما يعيش في الماء لا يفسد ماء الأواني وغيره وموت مال لا دم له كالسمك ونحوه كما لا يفسد الماء لا يفسد غيره كالعصير ونحوه في رواية عن أبي يوسف وكذا الضعدع برية كانت أو بحرية فإن كانت الحية أو الضفدع عظيمة له دم سائل يفسد الماء وكذا الوزغة الكبيرة.
(جلد الآدمي أو لحمه) إذا وقع في الماء إن كان مقدار الظفر يفسده وإن كان دونه لا يفسده ولو سقط في الماء ظفره لا يفسد الماء.
(شعر الخنزير) إذا وقع في الماء يفسده لأنه نجس العين وشعر الآدمي طاهر في ظاهر الرواية إذا وقع في الماء القليل لا يفسد الماء وعلى قول من يقول بأنه نجس لا يفسد مالم يكن أكثر من قدر الدرهم.
(عرق الأتان) ولبنها يفسد الماء ولا يفسد الثوب ما لم يفحش بمنزلة سؤر الحمار.
(وعظم الميتة وصوفها) وشعرها وقرنها وظلفها وحافرها إذا يبس ولم يبق عليه دسومة لا يفسد الماء.
صفحة ٤