ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد كان النبي ﷺ يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه ﵊، ويذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير ﵊، وربما مر بالسجدة في القرآن فيسجد ويسجدون معه، وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ أن النبي ﷺ قال له ذات يوم: «يا عبد الله اقرأ علي القرآن، فقال يا رسول الله كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال ﷺ: إني أحب أن أسمعه من غيري ﵊ قال عبد الله: فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى: [النساء: ٤١] قال: حسبك. قال عبد الله: فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان» (٢) ﵊، يعني يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة ﵊.
فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس، أو في أي مكان، وقرءوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا فهذا خير عظيم، وفيه فضل كبير ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت، حتى يستفيد ويتدبر، وإذا دعوا بعد القراءة بما شاءوا من الدعاء فلا حرج في ذلك.
لكن كونهم يعتادون تكرار يس أو غيرها عددا معينا فهذا ما لا نعلم له أصلا ولكن يقرءون ما تيسر من يس أو من البقرة أو من غير ذلك، أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره، هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرأ هذا ثم يعيد القراءة هذا، حتى يستفيدوا جميعا ويتدبروا.
_________
(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٣٠٦)،صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٠)،سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٢٥)،سنن أبو داود العلم (٣٦٦٨)،سنن ابن ماجه الزهد (٤١٩٤)،مسند أحمد بن حنبل (١/٣٧٤) .
(٢) سورة النساء الآية ٤١ (١) ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾
1 / 87