240

الفتاوى الكبرى

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

مَصَالِحِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَتَأْدِيبِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمَضَرَّةُ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَنْفَعَتِهِ، وَأَيْنَ إثْمُ ذَلِكَ مِنْ مَنْفَعَتِهِ، وَإِنَّمَا هَذَا كَمَا يُقَالُ: إنَّ فِي الزِّنَا مَنْفَعَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا، بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ التَّلَذُّذِ وَالسُّرُورِ، وَيَحْصُلُ لَهَا مِنْ الْجُعَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَمَا يُقَالُ إنَّ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ مَنَافِعَ بَدَنِيَّةً وَنَفْسِيَّةً، وَقَدْ قَالَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩] .
وَهَذَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ دَعْ مَا قَالَهُ عِنْدَ التَّحْرِيمِ وَبَعْدَهُ. وَبَابُ التَّعَلُّقِ بِالصُّوَرِ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْفَوَاحِشِ، وَبَاطِنُهُ مِنْ بَاطِنِ الْفَوَاحِشِ، وَهُوَ مِنْ بَاطِنِ الْإِثْمِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٠] .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الأعراف: ٣٣]، وَقَدْ قَالَ: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٨] . وَلَيْسَ بَيْنَ أَئِمَّةِ الدِّينِ نِزَاعٌ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَمَنْ جَعَلَهُ مَمْدُوحًا، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، بَلْ وَعَمَّا عَلَيْهِ عَقْلُ بَنِي آدَمَ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ، وَهُوَ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ. ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٥٠] .

1 / 290