وعم على البرية كافة إحسانه وجعله يوم يحاسب ممن ينقلب إلى أهله مسرورا وأبعده عمن ينقلب على عقبيه مذموما مدحورا.
وقد ألهم تأليف كتاب يفرغ من التهذيب الأنيق في قالب الكمال ويلبس من حسن الترتيب حلة الجمال عاريا عن الإطناب والإملال حاويا لمعظم الروايات الصحيحة مشتملا على جل الدرايات النجيحة، يبين الغث من السمين ويميز الضعيف من المتين لا يشتبه فيه اللجين باللجين والهجان بالهجين غير أن هذا الخطب العظيم والأمر الجسيم لا يملكه إلا من عرف الحي من اللي وتبين عنده الرشد من الغي فحشد الحذاق في هذا الفن من العلماء الغائصين على فرائده وكلد الكتب المدونة الجامعة لفوائده فأوعز إليهم بالكدش في مخايل هذا الفن ودلائله واللمش عن تفاصيله وتنقير وجوه مسائله.
وأن يؤلفوا كتابا حامشا لظاهر الروايات التي اتفق عليها وأفتى بها الفحول ويجمعوا فيه من النوادر ما تلقتها العلماء بالقبول كي لا يفوت الاحتياط في العمل والاجتناب عن الخطل والزلل فطفقوا في استخراج جواهر من معادنه وإبراز لطائفه من مكامنه والتقاط جمانه وفرائده واقتناص شوارده وأوابده، وميزوا ثجيره وعصيره وفصلوا قبيله ودبيره ونظموا تومه المنثورة ورتبوا فوائده المأثورة.
واختاروا في ترتيب كتبها ترتيب الهداية وسلكوا في توضيحها أو تنقيحها أقصى النهاية تاركين لما تكرر في الكتب من الروايات والزوائد معرضين عن الدلائل والشواهد إلا دليل مسألة يوضحها أو يتضمن مسألة أخرى واقتصروا في الأكثر على ظاهر الروايات ولم يلتفتوا إلا نادرا إلى النوادر والدرايات وذلك فيما لم يجدوا جواب المسألة في ظاهر الروايات أو وجدوا جواب النوادر موسوما بعلامة الفتوى ونقلوا كل رواية من المعتبرات بعبارتها مع انتماء الحوالة إليها ولم يغيروا العبارة إلا لداعي ضرورة عن وجهها ولإشعار الفرق بينهما أشاروا إلى الأول بكذا وإلى الثاني بهكذا وإذا وجدوا في المسألة جوابين مختلفين كل منهما موسوم بعلامة الفتوى وسمة الرجحان أو لم يكن واحد منهما معلما بما يعلم به قوة الدليل والبرهان أثبتوهما في هذا الكتاب والله تعالى هو الموفق للسداد والصواب
[كتاب الطهارة وفيه سبعة أبواب]
[الباب الأول في الوضوء وفيه خمسة فصول]
[الفصل الأول في فرائض الوضوء]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(كتاب الطهارة)
وفيه سبعة أبواب: الباب الأول: في الوضوء وفيه خمسة فصول
(الفصل الأول: في فرائض الوضوء) قال الله تبارك وتعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6] (وهي أربع) . الأول: غسل الوجه الغسل: هو الإسالة والمسح هو الإصابة. كذا في الهداية.
وفي شرح الطحاوي أن تسييل الماء شرط في الوضوء في ظاهر الرواية فلا يجوز الوضوء ما لم يتقاطر الماء، وعن أبي يوسف - رحمه الله - أن التقاطر ليس بشرط ففي مسألة الثلج إذا توضأ به إن قطر قطرتان فصاعدا يجوز إجماعا وإن كان بخلافه فهو على قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - لا يجوز، وعلى قول أبي يوسف - رحمه الله تعالى - يجوز كذا في الذخيرة
والصحيح قولهما. كذا في المضمرات ولم يذكر حد الوجه في ظاهر الرواية. كذا في البدائع في المغني الوجه من منابت شعر الرأس
صفحة ٣