64- تحسين الصوت بالقرآن الكريم وحكم التغني به
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا قرأت القرآن فرتله ترتيلا، ولا تغنوا به فإن الله يحب ان تسمع الملائكة لذكره. رواه الربيع رحمه الله .
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن " رواه البخاري ومسلم .
قوله " ولا تغنوا به " أي لا تمدوا الصوت بالقراءة مدا يشبه الغناء، وهو الإفراط في الترسل فيشمل الترجيع والتضريب، والترجيع عبارة عن ترديد الصوت في الحلق كقراءة أصحاب الألحان، والتضريب عبارة عن مد الصوت وتحسينه .
والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالترتيل ونهى عن التغني، وعلل بقوله " إن الله يحب ان تسمع الملائكة لذكره " وهذا يفيد أن الملائكة تستمع للترتيل دون التغني فإنهم ينفرون عنه، وذلك يقتضي المنع فإن حضورهم مطلوب، وعلى المنع أكثر العلماء .
وخالف أبو حنيفة والشافعي واحتجوا بحديث فيه" زينوا القرآن بأصواتكم " وآخر فيه " من لم يتغن بالقرآن فليس منا " .
والجواب أن " تزيين الصوت " لا ينحصر في التغني بل يكون في الترتيل أيضا، وأما قوله " من لم يتغن بالقرآن فليس منا " فمعناه أن من لم يستغن به عن غيره من كتب اليهود والنصارى وأضرابهم، يقال: تغنيت وتغانيت واستغنيت، وقيل: أراد من لم يجهر بالقراءة فليس منا، وقد جاء مفسرا في حديث آخر " ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به " قيل: إن قوله " يجهر به " تفسير لقوله " يتغنى به " .
قال ابن الأعرابي : كانت العرب تتغنى بالركبان إذا ركبت وإذا جلست في الأفنية وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون هجيراهم بالقرآن مكان التغني بالركبان، ومعناه: اجعلوا مكان غنائكم تلاوة القرآن .
صفحة ٨٦