فَأجَاب بقوله: لَا يموتون، وهم مِمَّن دخل فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَّا من شَاءَ الله﴾ وَأما الْمَلَائِكَة فيموتون بالنصوص وَالْإِجْمَاع، ويتولى قبض أَرْوَاحهم ملك الْمَوْت، وَيَمُوت ملك الْمَوْت بِلَا ملك الْمَوْت.
١٢٣ - وَسُئِلَ ﵁: هَل ورد فِي حَدِيث (الطَّاعُون وخز إخْوَانكُمْ) وَهل استعاذ ﷺ، مِنْهُ وَهل ورد (مَا أَنه لَا يؤلف تَحت الأَرْض)؟ فَأجَاب بقوله: الْمَحْفُوظ (وخز أعدائكم) وَلم يرد إخْوَانكُمْ كَمَا قَالَه الْحفاظ، وَلم ترد استعاذته ﷺ مِنْهُ بل دَعَا بِهِ وَطَلَبه لأمته فِي حَدِيث أبي يعلى. وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ (إِن الطَّاعُون شَهَادَة وَرَحْمَة ودعوة نَبِيكُم) قَالَ أَبُو قلَابَة: فَعرفت الشَّهَادَة وَلم أدر مَا دَعْوَة نَبِيكُم حَتَّى أُنبئت أَن رَسُول الله ﷺ بَيْنَمَا هُوَ (ذَات لَيْلَة يُصَلِّي إذْ قَالَ فِي دُعَائِهِ: فحُمَّى إذنْ أَو طاعونًا ثَلَاث مَرَّات، فَلَمَّا أصبح قَالَ لَهُ إِنْسَان من أَهله: يَا رَسُول الله قد سَمِعتك اللَّيْلَة تَدْعُو بِدُعَاء. قَالَ: وسمعته؟ قَالَ: نعم، قَالَ: إِنِّي سألتُ رَبِّي أَن لَا يُهلك أمتِي بِسنة فَأَعْطَانِيهَا، وسألتُهُ أَن لَا يُسلّط عَلَيْهِم عدوا غَيرهم فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلته أَن لَا يُلْبسَهم شيعًا وَلَا يُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَأبى عليَّ فقلتُ: فحُمَّى إذنْ أَو طاعونًا ثَلَاث مَرَّات) . وَأخرج أَحْمد وَغَيره حَدِيث: (اللَّهُمَّ اجْعل فَنَاء أمتِي قَتْلًا فِي سَبِيلك بالطَعن والطاعون) .
١٢٣ - وَسُئِلَ ﵁: عَن الدرَّة الفاخرة هَل هِيَ مَوْضُوعَة على الْغَزالِيّ، وَمَا فِيهَا من أَن الشَّيَاطِين يأْتونَ المحتضر على صفة أَبَوَيْهِ فِي زِيِّ يهود ونصارى، حَتَّى يعرضُوا عَلَيْهِ كل مِلَّة ليُضِّلوه وَهل يحضر جِبْرِيل الْمُؤمن عِنْد مَوته؟ فَأجَاب بقوله: لَيست مَوْضُوعَة عَلَيْهِ فقد نَسَبهَا إِلَيْهِ الأكابر. نعم النّسخ الْمَوْجُودَة مِنْهَا الْآن مُشْتَمِلَة على أَلْفَاظ ركيكة، وَأَشْيَاء غير مُسْتَقِيمَة الْإِعْرَاب، وَالظَّاهِر أَن ذَلِك من تَغْيِير النساخ لِكَثْرَة تداول أَيدي الْعَوام عَلَيْهَا، وَقد نقل الْحَافِظ ابْن حجر عَنْهَا مَا لَيْسَ فِيهَا الْآن فَدلَّ على تحريفها. قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ: لم يرد ذَلِك بل مَا يقرب مِنْهُ وَهُوَ حَدِيث أبي نعيم: (أحْضرُّوا مَوْتَاكُم ولقنِّوهم لَا إِلَه إِلَّا الله وبشرِّوهم بِالْجنَّةِ، فَإِن الْحَلِيم من الرِّجَال وَالنِّسَاء يَتَحيَّر عِنْد ذَلِك المَصْرع، وَإِن الشَّيْطَان أقْرَبُ مَا يكون من ابْن آدم عِنْد ذَلِك المَصْرَع) . وَفِي مُرْسل جيد الْإِسْنَاد (وَأقرب مَا يكون عدوّ الله من الْإِنْسَان سَاعَة طُلُوع روحه) . وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مَيْمُونَة بنت سعد قَالَت: (قلت: يَا رَسُول الله أَيَنَامُ الْجنب؟ قَالَ: مَا أحب أَن ينَام الْجنب حَتَّى يتَوَضَّأ إِنِّي أَخَاف أَن يتوفى فَلَا يحضرهُ جِبْرِيل) فَدلَّ هَذَا الحَدِيث بمفهومه على أَن جِبْرِيل ﵊ يحضر الْمَوْتَى، وعَلى أَن الْجَنَابَة مَانِعَة لحضوره دون الْحَدث الْأَصْغَر، وَفِي حَدِيث ضَعِيف جدا (أَن جِبْرِيل قَالَ للنَّبِي ﷺ قبيل وَفَاته: هَذَا آخر وطأتي فِي الأَرْض) وَلَو صَحَّ لم يُعَارض نُزُوله بعد لِأَن الْمَنْفِيّ نُزُوله بِالْوَحْي، فقد صحت الْأَحَادِيث أَنه ينزل لَيْلَة الْقدر، وعَلى أَنه ينزل على عِيسَى صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهر خبر مُسلم. ١٢٤ وَسُئِلَ نفع الله بِعُلُومِهِ: عَن الْجمع بَين قَوْله ﷺ: (اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخِذُ عنْدك عهدا لَا تُخْلِفْينه فَإِنَّمَا أَنا بشر فأيَّ الْمُؤمنِينَ آذيته أَو سَببْته أَو لعنْتُهُ أَو جَلَدْتُه فاجعلها لَهُ صَلَاة وَزَكَاة وقُربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة) . وَصَحَّ (أَنه ﷺ دفع إِلَى حَفْصَة رجلا وَقَالَ: احْتَفِظِي بِهِ، فغفلتْ عَنهُ وَمضى فَقَالَ لَهَا ﷺ: قطع الله يدك ففزعتْ، فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت رَبِّي ﵎ أَيّمَا إِنْسَان من أمتِي دَعَوْت الله عَلَيْهِ أَن يَجْعَلهَا لَهُ مغْفرَة) وَبَين قَوْله: (اللَّهُمَّ مَنْ وليَ من أَمر أمتِي شَيْئا فشَقَّ عَلَيْهِم فاشْقُق اللَّهُمَّ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ بِالنّظرِ للحديثين الْأَوَّلين دُعَاء لَهُ لَا عَلَيْهِ فينافي المُرَاد؟ فَأجَاب بقوله: لَا مُنَافَاة لِأَن الْأَوَّلين فِي الدُّعَاء بِغَيْر سَبَب والأخير دُعَاء بِسَبَب. وَأَيْضًا فالأولان فِي دُعَاء على معِين والأخير على مُبْهم، وَقد صرح ابْن القَاضِي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ بِأَن مِنْ خَصَائِصه ﷺ أَنه يجوز لَهُ الدُّعَاء على من شَاءَ بِغَيْر سَبَب، وَيكون فِيهِ من الْفَوَائِد مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثين الْأَوَّلين. ١٢٥ وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَن حَدِيث (أذيبوا طَعَامكُمْ بِذكر الله وَالصَّلَاة، وَلَا تناموا عَلَيْهِ تَغْفل قلوبُكم) من رَوَاهُ؟ فَأجَاب بقوله: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) وَابْن السّني. ١٢٦ وَسُئِلَ نفع الله بِعُلُومِهِ: عَن معنى قَول الشَّيْخ نجم الدّين الْكَبِير: إنَّ الذّكر يقْطع لُقيمات الْحَرَام؟ فَأجَاب بقوله: هُوَ مَحْمُول على لقيمات يسيرَة كَمَا أَفَادَهُ التصغير يأكلها الْإِنْسَان فِي وَقت غَلَبَة الْحَرَام على أهل الدُّنْيَا، كَمَا فِي زَمَاننَا هَذَا فَإِن ذَلِك يُباح لَهُ شرعا، وَقد قَالَ ابْن عبد السَّلَام وَغَيره: لَو عمَّ الْحَرَام الدُّنْيَا جَازَ للْمُسلمِ
1 / 118