165

فتاوى الخمر والمخدرات

محقق

أبو المجد أحمد حرك

الناشر

دار البشير والكوثر للطباعة والنشر

صارت خلا فكيف تكون نجسة ؟! وبعضهم قال : إذا أُلقي فيها شيء تنجس أولاً، ثم تنجست به ثانياً، بخلاف ما إذا لم يُلق فيها شيء، فإنه لا يوجب التنجيس.

وأما أهل القول الراجح فقالوا: قصد المخلل لتخليلها هو الموجب لتنجيسها، فإنه قد نُهي عن اقتنائها، وأُمر بإراقتها، فإذا قصد التخليل كان قد فعل محرماً. وغاية ما يكون تخليلها كتذكية الحيوان، والعين إذا كانت محرمة لم تعد محللة بالفعل المنهي عنه، لأن المعصية لا تكون سبباً للنعمة والرحمة.

ولهذا لما كان الحيوان محرماً قبل التذكية، ولا يُباح إلا بالتذكية، فلو ذكاه تذكية محرمة مثل أن يذكيه في غير الحلق واللبة مع قدرته عليه، أو لا يقصد ذكاته، أو يأمر وثنياً أو مجوسياً بتذكيته، ونحو ذلك لم يُبح. وكذلك الصيد إذا قتله المحرم لم يعد ذكياً، فالعين الواحدة تكون طاهرة حلالاً في حال، وتكون حراماً نجسة في حال. تارة باعتبار الفاعل: كالفرق بين الكتابي والوثني. وتارة باعتبار الفعل كالفرق بين الذبيحة بالمحدد وغيره. وتارة باعتبار المحل وغيره كالفرق بين العنق وغيره. وتارة باعتبار قصد الفاعل كالفرق بين ما قصد تذكيته وما قصد قتله. حتى أنه عند مالك والشافعي وأحمد إذا ذكى الحلال صيداً أُبيح للحلال دون المحرم، فيكون حلالاً طاهراً في حق هذا، حراماً نجساً في حق هذا، وانقلاب الخمر للخل من هذا النوع مثلما كان ذلك محظوراً، فإذا قصده الإنسان لم يعد الخل به حلالاً، ولا طاهراً، كما لم يعد لحم الحيوان حلالاً طاهراً بتذكية غير شرعية.

وما ذكرناه عن عمر بن الخطاب هو الذي يعتمد عليه في هذه المسألة، أنه متى علم أن صاحبها قد قصد تخليلها لم تشتر منه، وإذا لم يعلم ذلك جاز شراؤها منه، لأن العادة أن صاحب الخمر لا يرضى أن يخللها، والله أعلم.

***

165