فتاوى العراقي
محقق
حمزة أحمد فرحان
الناشر
دار الفتح
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هجري
العبد يؤجر ستين سنة، والدابة خمس عشرة سنة إلى عشرين، والدار من مائة إلى مائة وخمسين، والأرض خمسمائة وأكثر، جواز إجارة كل مما ذكر المدة المذكورة من غير نظر إلى كون العين تبقى فيها غالباً، ويجعل حد المقدار إجارة هذه الأعيان المدة المذكورة، ويستدل به على إجارة الوقف هذه المدة على قول من قال: (إن حكم الوقف حكم الطلق في مدة الإجارة) أم لا؟
فأجبت: بأن القول المشهور المعتمد عليه المفتى به جواز إجارة العين مدة تبقى إليها غالباً، وذلك يختلف باختلاف العين المؤجرة(١)، والمعتمد أيضاً أنه لا فرق في ذلك بين الملك والوقف، فكما يجوز ذلك في الملك يجوز في الوقف أيضاً، وقول المتولي: (إن الحكام اصطلحوا على منع إجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين لئلا يندرس الوقف) لا يدل على منع إجارته أكثر من هذه المدة، فإن عدم نقلهم له(٢) لا يدل على منعه(٣)، وكم من رسوم اعتاد الحكام الوقف عندها مع أن الوقف عندها غير لازم، وترك الشيء لا يدل على منعه، فالأمر المباح قد يفعله المرء وقد لا يفعله، فتركوا ذلك احتياطاً مع اعتقادهم جوازه، ولولا جوازه لما جعل منعه اصطلاحاً، وكيف يقال في الممتنع شرعاً الذي لا يجوز فعله إنّ الحكام اصطلحوا
(١) انظر: ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج ١٧١/٦- ١٧٢).
(٢) أي عدم نقل الحكام هذا الحكم عن مجتهد شافعي كما قال ابن حجر في التحفة (٦/ ١٧٢).
(٣) قال ابن حجر في التحفة (٦/ ١٧٢): (واصطلاح الحكام على أنه لا يؤجر أكثر من ثلاث سنين لئلا يندرس استحسان منهم، وإن رد بأنه لا معنى له، على أنه لم ينقل عن مجتهد شافعي منهم، وإنما اشترطنا ذلك لفساد الزمان بغلبة الاستيلاء على الوقف عند طول المدة، وأيضا فشرطها في غير ناظرٍ مستحقٍ، وحده أن يكون بأجرة المثل، وتقويم المدة المستقبلة البعيدة صعب، وأيضا ففيها منع الانتقال للبطن الثاني، وضياع الأجرة عليهم غالبا إذا قبضت).
244