5

فتاوى الغزالي

محقق

مصطفى محمود أبو صوى

الناشر

المعهد العالي العالمي للفكر والحضارة الإسلامية

سنة النشر

١٤١٧ هجري

المقدمة

إن الكثيرين من المثقفين المسلمين اليوم يظنون أن الدراسات حول الغزالي قد انتهت وأن الدروس من إرثه قد استنفدت ولكن الصحيح أنه لا زالت بعض كتب الغزالي لم تحقق ومنها هذا الكتاب وهو في مائة وتسعين فتوى تدور حول قضايا كثيرة ومختلفة منها ما يجزم بنفعها في أيامنا هذه، ومنها ما لا يمت إلى عصرنا هذا بصلة.

والقضية هنا ليست قضية فتاوى ولكنها كيفية التعامل مع العلماء الذين أسهموا بشكل متميز في صياغة الفكر الإسلامي، فلا نزال نتخبط بين الإفراط والتفريط:

فالأول: يحمل في ثناياه إضفاء صفة القداسة على كل ما يتعلق بهؤلاء العلماء فينكر على من خالفهم في رأي أو ابتعد عن مذهب أحدهم قيد أنملة، ويظنون أن السلامة تكمن في التقليد، ومن هنا ظلت عقلية المدارس هي المسيطرة على أفكار الكثيرين، وهكذا وجدنا أن المثقف المسلم حبيس إطار مغلق اصطنعه لنفسه فإذا هو ينتمي إلى مدرسة كذا، ينافح عنها ويدافع عن كافة مواقفها كأنّ لسان حاله يدعي العصمة لها، بل حينما اضطررت أحد أبناء مدرسة فقهية معينة، وقد كان يُدَرِّس فقه تلك المدرسة إلى بيان سبب أخذه بقول أحد العلماء حول طول مدة الحمل، علل قبوله بأنه يحب ذلك العالم، فكأنما الذي يخالفه يكرهه!

والآخر: ممن فرَّط بعلاقته مع الإرث الفكري للعلماء المسلمين، فقد توهم أن التقدم والازدهار إنما يتم بالانسلاخ عن هذا الإرث تحت دعوى تغير الظرف والمكان. إن من عدل

2