وأما إدخاله هذا في كتاب الطب فواضح، وأهل العلم يذكرون في الباب ما هو أبعد من هذا تعلقًا واستطرادًا.
وأما قوله: " ما من مسلم يصيبه أذى " ١ فهو عام. وأما عطف الأذى على الوصب والنصب والهم، فمن عطف العام على الخاص، وهو كثير جدًا في كلام العرب وفي كلامنا.
وأما سؤالكم: هل هذا في المسلم الذي لم يصدر منه شرك بالكلية، فنقول: ٢ أما الشرك الذي يصدر من المؤمن وهو لا يدري، مع كونه مجتهدًا في اتباع أمر الله ورسوله، فأرجو أن لا يخرجه هذا من الوعد. وقد صدر من الصحابة أشياء من هذا الباب: كحلفهم بآبائهم، وحلفهم بالكعبة ٣، وقولهم: ما شاء الله وشاء محمد، وقولهم: اجعل لنا ذات أنواط؛ ولكن إذا بان لهم الحق اتبعوه، ولم يجادلوا فيه حمية الجاهلية لمذهب الآباء والعادات. وأما الذي يدعي الإسلام وهو يفعل من الشرك الأمور العظام، فإذا تليت عليه آيات الله استكبر عنها، فهذا ليس بالمسلم ٤. وأما الإنسان الذي يفعلها بجهالة، ولم يتيسر له من ينصحه، ولم يطلب العلم الذي أنزله الله على رسوله، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فلا أدري ما حاله.
وأما قول من قال: من الشرك: التصنع للمخلوق، فلعل مراده: التصنع بطاعة الله الذي يسمى الرياء، وهو كثير جدًا، فهذا صحيح في أمور
_________
١ البخاري: المرضى (٥٦٤٧)، ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٧١)، وأحمد (١/٣٨١، ١/٤٤١، ١/٤٥٥)، والدارمي: الرقاق (٢٧٧١) .
٢ في طبعة أبا بطين: بدون كلمة: (فنقول) .
٣ في طبعة أبا بطين: (وحلفهم بالله)، وهو خطأ قطعًا.
٤ في طبعة الأسد: (فليس هذا بالمسلم)، وكذا في أبا بطين.
1 / 37