قال: «لا. إن سالما خجل من قول الصدق، ولكن أبا حامد قصه علي أمس، وقد استطلعه بفراسته ووبخ سالما عليه حتى أغضبه وخرج من المعسكر لا ندرى إلى أين.»
فصاحت رغم إرادتها «ويلاه إلى أين ذهب؟»
فقال حمدون: «يظهر أنك لا تزالين على حسن ظنك به وعمه نفسه قد رذله واحتقره وكدره، وقد قال لي إنه ليس أهلا للمياء الشريفة الصادقة ... إن خطيبا يرجع من بين يدي خطيبته بمثل هذا الفشل لا يليق بها.»
فقالت وصوتها مختنق: «أبو حامد قال لك ذلك.»
قال: «نعم. إذا كنت لا تصدقين فإني أدعوه ليقول ذلك أمامك.»
فغصت بريقها وأطرقت وقد تولتها الحيرة وتحرك قلبها فتذكرت منزلة سالم عندها وهي تجله وتنزهه عن كل عيب فكيف تسمع هذا القول وتسكت فصاحت «كلا ... إن سالما شهم لا يستحق هذه الإهانة ... إن عمه قد ظلمه.» وشرقت بدموعها.
فقال: «لله أنت يا لمياء ... بل لله من الحب ما أقوى سلطانه ... إن أبا حامد هو الذي رغبنا في سالم ثم هو اليوم يقول إنه جبان لا يليق بك ... ومع ذلك فإن وصولك إليه لا يكون إلا بقتل المعز وقائده فهل نعود إلى عزمنا الأول؟»
فأجفلت وقالت: «لا ... لا ... إن أمير المؤمنين لا يستحق ذلك.»
قال: «وهل جوهر يستحقه؟»
قالت: «لا.»
صفحة غير معروفة