فتبسم الراهب تبسما يمازحه ريب وقال: «أظنني اعرفه.»
فقالت: «وأين تركته.»
قال: «تركته في بعض قرى البلقاء على بضع ساعات من هذا القصر.»
قالت: «هل هو مقيم هناك أم راحل.»
قال: «هو مقيم ينتظر عودتي.»
قالت (وقد استغربت ذلك): «وماذا يتوقع من رجوعك وأنت تقول انه دفع إليك هذه الدرع نذرا نذره إلى الدير فما معنى رجوعك إليه أني أرى في كلامك تناقضا.»
قال: «لا مناقضة في ما أقول لان صاحب هذه الدرع شرط في نذره أنها لا يكون نذرا إلا بعد أن أعود إليه بخبر عن أمر يهمه.» قال ذلك وهو ينظر إلى هند بطرف عينه كأنه ينتظر إشارة منها فآنس في وجهها إشراقا فتبسم وأومأ بجفنيه نحو والدتها كأنه يقول لها هل أبوح بالسر أمامها.
فتحققت هند أن الرجل مرسل من حماد إليها ولكنها تجلدت ولم تجبه.
فجلس والدرع في يده ينتظر ما تأمر به هند.
أما هي فأومأت إلى والدتها وخرجتا معا وتركتا الراهب في الغرفة فلما خلتا قالت هند وقلبها يرقص فرحا: «لا ريب عندي يا أماه أن الرجل رسول من حماد ويظهر من أساليب كلامه انه آت ببشرى خير ولكنه لم يتجرأ على التصريح بذلك أمامك لظنه انك لا تعلمين بما بيني وبين حماد ولا ريب عندي بإخلاصه فاسمحي لي بمخاطبته صريحا فنسمع منه الخبر الصحيح» فأجابتها والدتها إلى ما أرادت فجلستا في غرفة منفردة وأرسلتا إلى الراهب فجاءهما والخرج على ذراعه فلما جلس قالت له سعدى: «عزمت عليك أن تخبرنا بحقيقة حالك ومن هو صاحب هذه الدرع وكان لعزمة الأمراء عند العرب حق أن تطاع.» فنظر الراهب إلى هند كأنه يستشيرها في الجواب فقالت له: «قل ولا تخف.»
صفحة غير معروفة