فقالت: «وكيف تأتى لك ذلك والنذور تحمل إلى هذا الدير ذهبا وفضة وحجارة كريمة من اقاصي البلاد.»
قال: «لم اخرج لهذه المهمة إلا في هذا العام فجئت بالعجائب الغرائب.»
فرأت في كلامه لهجة غريبة فلم تستغرب ذلك لعلمها أن الرهبان في دير بحيراء أخلاط من أمم كثيرة ولغات شتى ولكنها ازدادت شبهه في مغزى كلامه.
فقالت: «وما هي الغرائب التي اتفقت لك دون سواك.»
قال: «جئت الدير بنذر لم يسق له مثيل لا لغلاء ثمنه بل لغرابته.» قال ذلك وحل رباط الخرج ومد يده إليه وحاول إخراج ما فيه فسمعت صليلا كصليل الدرع فتذكرت درع حماد فاختلج قلبها في صدرها وعلا وجهها الاحمرار فقالت: «هات ما عندك.» فاستخرج يده وفيها قطعة من درع لم يقع نظر هند عليها حتى امتقع لونها وغلبت عليها البغتة لما آنست من المشابهة بينها وبين درع حماد فتناولتها وتأملتها فإذا هي هي بعينها فإلتفتت إلى الراهب فرأته يتغافل عنها ولكنها قرأت على وجهه سرا يحاول إخفاءه والابتسام يكاد يظهره فابتدرته قائلة: «من أين أتتك هذه الدرع ومن الذي أعطاكها.»
قال: «أعطانيها صاحبها.»
فقالت: «هل تعرف مكانه فإنها مسروقة من عندنا.»
فإلتفت إليها قائلا: «لا أظن صاحبها سارقا بل هو رجل أمين وقد ابتاعها بثمن غال جدا.»
فقالت: «ربما كان ذلك كما تقول ولكنني اعلم أن هذه الدرع كانت عندنا فلابد لي من رؤية الذي أعطاكها فهل هو قريب من هذا المكان.»
قال: «هو قريب جدا وإذا صدق ظني فهو في اقرب مكان منك وأنت تعلمين انه ليس سارقا.»
صفحة غير معروفة