فلما سمعت اسمه بغتت وعلا وجهها الاحمرار ثم عقبه الاصفرار بغتة وظهر الانقباض عليه ولم تجب.
فقالت والدتها: «قد وعدت بالجواب ولا أراك تجيبين.»
قالت: «لأني لم أر مسوغا لهذا السؤال ولم أفهم مرادك منه وأنت تعلمين منزلة هذا الشاب عندي.»
قالت: «ما لنا وللمزاح فإني أسألك سؤالا صريحا فأرجو الجواب عليه صريحا فهل تحبين ثعلبة.» فتجلدت هند وتجاهلت قائلة: «أليس هو ابن عمي فأحبه محبة الأعمام وإن يكن لا يستحق هذه المحبة.»
قالت: «ولكنني أسألك هل تحبينه محبة غير هذه.» فأدركت هند مغمز كلام والدتها فنفرت ولم تجب.
فاقتربت سعدى منها حتى احتك جنباهما وقالت: «ما بالك لا تجبينني فإن والدك كلفني بالسؤال عن ذلك فماذا أجيبه.»
فسكتت هند ولبثت برهة تفكر في مراد أمها فتوسمت من وراء هذا الكلام شيئا قرأته على ملامح وجهها ولكنها تجاهلت وأظهرت عدم الإكتراث فظلت متكئة تنظر إلى والدتها شذرا كأنها تقول لها كفي المزاح في هذا الموضوع.
فكررت والدتها السؤال بهذا المعنى فاعتدلت هند في مجلسها ونظرت إلى والدتها والاستغراب ظاهر على وجهها وقالت: «أفصحي يا أماه فإن لسؤالك معنى انقبضت له نفسي فما تعنين بحبي لهذا النذل السافل غير الحب الذي أوجدته القرابة رغما عني.»
ففهمت والدتها ما في قلب هند من الحقد على ثعلبة وكانت قد لاحظت منها ذلك قبلا فأرادت المبالغة في التجاهل حتى تستطلع أفكارها فقالت: «لا تسارعي إلى الطعن في ابن عمك فإنه سيكون أقرب إليك من ذلك.»
فنفرت هند حتى وقعت الأزهار من يدها ونظرت إلى والدتها نظرة العتب وقالت لها: «أرجو أن لا أسمع منك يا أماه ما يكدر عواطفي فإني لا أرى مسوغا لتكديري بهذه الألغاز فليس لثعلبة وطر عندي ولا هو ممن يطمع بقرابة فوق هذه فوحبك لو استطعت التبرؤ منه لفعلت وأنت أعلم الناس بمنزلته عندي وأظنك أقدر مني على الجواب عن هذا السؤال أم أنت تمازحيني.»
صفحة غير معروفة