فمد يده إلى يدها فإذا هي باردة كالثلج وخيل له أنها ذائبة بين أنامله وما لمسها حتى شعر بقشعريرة أشبه بمجرى كهربائي سرى في سائر أعضائه ولا ريب أنها شعرت هي بمثل ذلك أيضا فجعل يدها بين يديه وقال: «أقول كلمة وأرجو أن لا تكون ثقيلة عليك.»
فأطرقت ثم قالت: «قل قل لقد نفد صبري وأخشى أن يخوننا الوقت.»
قال: «اعلمي أني أسير حبك ولا أبغى من هذا العالم إلا رضاك فماذا تقولين.»
قالت: «انك تعبر عن عواطفي.»
فأدرك حماد أنها تحبه وتميل إليه ولكنه ما زال خائفا من أن يسبقه ثعلبة إليها مع علمه أنها غير مخطوبة له ولا هي تحبه ولكنه خاف أن تحلو في عينيه حسدا فيطلبها ويتراضى والدهما جبلة والحارث ويتغلبا على رأيها فأراد اختبارها من هذا القبيل فقال لها: «وما شأن ابن الحارث.»
قالت: «لا شأن له فهو حارث غير حاصد.» فقال: «وما شأن من لم يحرث أو يغرس.»
قالت: «أن الغرس غرس الله وإذا لم يبن رب البيت باطلا يتعب البناؤون.»
فضغط على أناملها وهم بتقبيل يدها فمنعه الحياء فأعادها وهو يرنو إليها وقال: «ولكن كيف ترضين بمن لا تعرفين نسبه فلا نأمن أن يطالبنا ابن الحارث غدا بحقوق القرابة.»
قالت: «أن من القلب إلى القلب دليل ولا نعرف لنا قرابة توجب مطالبة ولا نحن نرضى بالتقرب منه بعد ما عرفناه من خساسته.»
فقال: «وما الذي دلك على خساسته.»
صفحة غير معروفة