فبغت سلمان ولبث برهة صامتا لا يدري بماذا يجيب وظهر الارتباك على وجهه ولكنه تجلد وقال: «وهل تقفل أبواب الكعبة دون النصارى إذا جاؤها معتمرين.»
قال: «كلا فإن الناس يقدمون إليها من أقاصي العالم على اختلاف الملل والنحل ولكن النصارى قلما يجيئونها وزد على ذلك أن الوقت ليس وقت الحج فأصدقني الخبر .»
قال سلمان: «ليس في حقيقة خبرنا ما نخشى بيانه ولكنني رأيتكم جمعا كبيرا فارتبنا من أمركم فإذا علمنا من أنتم أفدناكم عن حقيقة أمرنا.»
وفيما هو يقول ذلك جاءه رجل يقول أن الخيمة قد نصبت والمائدة أعدت فإلتفت إلى سلمان قائلا: «إذا شئت أن تضيفنا على الطعام أتممنا الحديث فإننا نحتاج بعد طول السفر إلى الراحة.»
فقال: «فلنترك إتمام الحديث إلى صباح الغد.»
قال: «حسنا» وافترقا فسار سلمان إلى سيده فإذا هو لا يزال جالسا على فراشه ينتظر عودته بخبر القوم فلما رآه عائدا استطلعه الخبر فأنبأه بما كان واستمهله إلى الغد يستطلع الحقيقة.
فبات تلك الليلة على حذر ولما أصبح الصباح خرج سلمان إلى مضرب القوم فإذا هم أكثرهم من الفرسان وتأمل لباسهم وحالهم فإذا هم من أهل الحجاز ففكر في أمرهم فرأى أن يصطحب سيده وأن يسيرا معا إلى رجل الأمس فاصطحبه وسارا.
فلما وصل الخيمة استأذنا في الدخول فأذن لهما فدخلا فوجدا الرجل جالسا على وسادة مقطب الوجه كأنه يفكر في أمر همه فلما وقع نظره على سلمان وقف له ورحب به فبالغ سلمان في الاعتذار لما سببه له من المشقة بتلك الزيارة ولكنه قدم سيده في الجلوس فأدرك صاحب الخيمة أنه سيد له فرحب به بنوع خاص وأجلسه إلى جانبه ثم إلتفت إلى سلمان وقال: «أرى ضيفنا في هذا الصباح عراقيا أيضا.»
قال سلمان: «نعم يا سيدي أنه أمير من أمراء العراق وأنا خادم له فهل يتفضل سيدي بالإفادة عن اسمه.»
قال: «أني عمر بن سالم الخزاعي من بني كعب سائر في جماعة من خزاعة نريد المدينة.»
صفحة غير معروفة