قال جبلة وقد أقطب وجهه وتعاظم غضبه: «خسئ النذل وخسئ أبوه قبله.»
قالت: «بل خسئ كل من يقول قوله فقد علمت أن ثعلبة لم يكن عازما على خطبة هند لو لم يحدث ما حرك غيرته وهاجه على الانتقام وإذا أذنت أن اكشف لك الغطاء فعلت.»
قال وقد مال بكليته إلى استطلاع السر: «نعم أني شديد الميل إلى معرفة ذلك قولي.»
قالت: «ولكنني استحلفك بحبك هندا أن تبقى على حبها وتشفق على صباها وتعذرها في ما رأيته أو تراه من حالها.»
قال: «لقد عذرناها من قبل فلا حاجة إلى الاستحلاف.»
قالت: «إنما استحلفك على أمر لم تعلمه بعد.»
فازداد شوقا وقال: «قولي لقد نفد صبري.»
قالت: «قد علمت حسد ثعلبة حمادا على أثر ما ناله من قصب السبق عليه وقد تعاظم حسده لما رأى هندا تلبسه تلك الدرع وهي إنما فعلت ذلك بأمرك.»
قال: «نعم.»
قالت: «وقد رأيتك وأنت رجل معجبا بشهامة ذلك الشاب ولا يخفى عليك أن النساء أكثر إعجابا بشهامة الرجال وخصوصا من كانت مثل هند في مقتبل العمر وريعان الشباب.» قالت ذلك وهي تراعي ما يبدو من جبلة ولم تكن تتوقع إلا استغرابه فحملق جبلة ونظر إليها والشرر يكاد يتطاير من عينيه وقال: «وماذا تعنين.»
صفحة غير معروفة