فصل المقال في شرح كتاب الأمثال
محقق
إحسان عباس
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٧١ م
مكان النشر
بيروت -لبنان
يا عمر بن معمرٍ لا منتظر ... بعد الذي عدا القروص فحزر فأخبرك انه تعدى القروصة إلى الحموضة. وفي الحديث: فسقوني لبنًا لا محضًا ولا حقينًا، الحقين من اللبن: المحقون في الوطب. قال اللغويون: حقنت اللبان إذا صببت لبنًا حليبًا (١) في سقاء وقد كان فيه رائب فأخذ بعض طعمه، ومن أمثالهم " أبى الحقين العذرة " يقول بطل العذر مع حضور اللبن. وكل شيء جمعته من لبن أو شراب ثم شددته فقد حقنته، وبه سمي حابس البول حاقنًا، فأما حابس الغائط فهو حاقب بالباء.
قال الزبير: ومما يشبه هذا حديث أخبرني به محمد بن الضحاك عن أبيه قال: كان الحجاج قد حبس الغضبان بن القبعثري فدعا به يومًا وقال: زعموا أنه لم يكذب قط وليكذبن اليوم فقال له لما أتى به: سمنت يا غضبان، قال: القيد والرتعة والخفض والدعة وقلة التعتعة، ومن يك ضيف الأمير يسمن، قال: أتحبني يا غضبان قال: أو فرق خير من حبين ... إلى آخر الحديث.
ع: أول من قال: " القيد والرتعة "، عمرو بن الصعق بن خويلد بن نفيل ابن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر؟ قبيلة من همدان؟ أسرته، فأحسنت إليه، ورفهت عنه، وكان يوم فارق أهله نحيفًا، فهرب من شاكر، وصاد في طريقه أرنبًا فشواها (٢)، فبينما هو يأكل منها أقبل ذئب فأقعى غير بعيد منه، فنبذ إليه من شوائه فولى عنه، فقال عمرو (٣):
لقد أوعدتني شاكر فخشيتها ... ومن شعب ذي همدان في الصدر هاجس
قبائل شتى ألف الله بينها ... (٤) لها حجف فوق المناكب يابس
_________
(١) س: اللبن حليبًا.
(٢) س ط: فاشتواها.
(٣) الأبيات في الميداني ٢: ٣١.
(٤) الحجف: التروس من جلد.
1 / 54