248

فصل المقال في شرح كتاب الأمثال

محقق

إحسان عباس

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٧١ م

مكان النشر

بيروت -لبنان

هي من قولك عز الشيء إذا اشتد، وكذلك تعزز واستعز ومنه العزاز من الأرض وهو الصلب الذي لا يبلغ أن يكون حجارة، ويقال: عز يعز إذا صار عزيزًا، وعز يعز عزًا إذا غلب، قال زهير (١):
تميم فلوناه (٢) فأكمل خلقه ... فتم وعزته يداه وكاهله (٣) ومعنى الكلام: إذ صلب أخوك واشتد فذل له من الذل؟ بالكسر؟ ولا معنى للذل هنا، كما تقول: إذا صعب عليك أخوك فلن له. قال الله ﷿: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا﴾ (الفرقان: ٦٣) أي على سكون وطمأنينة.
وقال ابن درستويه في تفسير المعنى الذي ذهب إليه أبو عبيد: معنى " إذا عز أخوك فهن " إذا صار عزيزًا ملكًا قويًا عليك فأطعه وتذلل له، واخضع تسلم عليه، ولا يظلمك بعزه. والحجة لهذا المذهب قول عمرو بن أحمر (٤):
وقارعة من الأيام لولا ... سبيلهم لزاحت عنك حينا
دببت لها الضراء وقلت أبقى ... إذا عز ابن عمك أن تهونا هكذا صحت رواية هذا البيت، دون اختلاف بين الرواة (٥):
وقال محمد بن علي الباقر في المعنى الذي ذهب إليه ابن درستويه:
بني إذا ما سامك الذل قادر ... عزيز فلن فاللين أولى وأحزر
ولا تسم في كل الأمور تعززا ... فقد يورث الذل الطويل التعزز

(١) ديوانه: ١٣٠ ويروى: قليلا علقناه فأكمل صنعه، والجمهرة ١: ٩٠ والاشتقاق: ١٢٣.
(٢) ص: بلوناه.
(٣) تميم: أي تام، فلوناه: فطمناه، وعزته: غلبته، يقول: صار أعظم شيء فيه يداه وكاهله، وهذه من صفة الجياد.
(٤) الثاني من بيتي ابن أحمر في الشريشي ١: ٣٨٤.
(٥) ويقوي أيضًا هذا المذهب قول الشاعر (الصداقة: ٧)
أهون إذا عز الخليل وربما ... أزمت برأس الحية المتمعج

1 / 236