فصل المقال في شرح كتاب الأمثال
محقق
إحسان عباس
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٧١ م
مكان النشر
بيروت -لبنان
فقالت: أي قوم، زحفت إليكم الشجر أو أتتكم حمير، إني أرى شجرًا وخلفها بشرًا، فكذبوها، ثم رجعت بصرها فوضح لها تصديق ما رأت فقالت (١):
خذوا (٢) حذاركم يا قوم ينفعكم ... فليس ما قد أرى بالأمر يحتقر
إني أرى شجرًا من خلفها بشر ... وكيف تجتمع الأشجار والبشر
إني أرى رجلًا في كفه كتف ... أو يخصف النعل خصفًا ليس يقتدر فكذبها بعضهم وقال بعضهم: لعلها أمة طلبت غيرنا، لم نبدؤهم (٣) بالمناهضة فنشب بيننا وبينهم حربًا. فما لبثوا أن صبحهم حسان بعد ثالثة فقتل الرجال وسبى النساء وقلع عيني اليمامة فوجد فيها عروقًا سودًا، فسأل ما كانت تكتحل به فقيل له حجر يقال له الإثمد، فاستعمل الإثمد من حينئذ، وصلبها على باب جو فسميت بذلك اليمامة.
وأكثر الشعراء من ذكر عنز هذه في أشعارهم لحدة نظرها، قال المسيب بن علس (٤):
لقد نظرت عنز إلى الجزع نظرةً ... إلى مثل موج (٥) المفعم المتلاطم
إلى حمير إذ وجهوا من بلادهم ... تضيق بهم لأياص فروج المخارم وقال النمر بن تولب (٦):
(٧) وفتاتهم عنز غداة تبينت ... من بعد مرأى في الفضاء ومسمع
_________
(١) انظر ديوان الأعشى: ٨٢.
(٢) س: لتأخذوا حذركم.
(٣) س: لم نبتدرهم.
(٤) ديوانه: ٤٥٩.
(٥) ط: جوف.
(٦) الأبيات من قصيدة في الخزانة ١: ١٥٥ يصف النمر نفسه بالكرم ويعاتب زوجه على لومها فيه، ويذكرها بالذاهبين وأن الموت لا يبقي على أحد.
(٧) الخزانة: عشية أبصرت.
1 / 117